يريد الأستاذ (سيد قطب) أن يثير معركة تكون فاتحة لإظهار أدبه (النفسي)، وترويجاً له بين الشباب الحديثين. ولا يمنعه الحذر أن يعلن هاته الظاهر خشية الاستخفاف وضياع الأمل. وهو - كما يبدو من تحليل مقاله - رجل خضوع لنفسه، سهل الانقياد لعصبية القديمة؛ تؤثر فيه العلاقات الشخصية أكثر من علاقات الحقيقة بالعقل، والإيمان بالقلب؛ وبشريته العظامية تقوده للتقرب مما يدفعه إليه شعوره، وعاطفته المتمردة. ويقول إن له أدباً وشعراً، وملكه نقد وقادة تجعله يثور على كل من يتطاول إليه، أو يحاول أن يمس عبقريته بخطأ شائن، كما ثار العقاد على الرافعي ومخلوف إجابة لعلوّ النفس، وحفظاً لها من النزول إلى عقلية السوقة. ويعيب على الناقدين - دون نفسه - جهلهم بطبيعة الكاتب، وقساوتهم في الحكم قبل اتصالهم به واكتناه بواعثه!
ثم يذكر أنه كان (يكره نفسه على مطالعة الرافعي) لأنه عندما قرأ (حديث القمر) أحس بالبغضاء له! ويكذَّب الأستاذ سعيداً في تسمية ما كتبه العقاد في رده شتماً وسباً للرافعي. وفي تسمية ما كتبه عن (مخلوف) سباباً وشتائم) ويقول بعدئذ - في غير تحفظ - (إذا كتب (يعني العقاد) عن (مخلوف) يتهكم به، ويشنع بسوء فهمه للأدب، فمبعث ذلك عظم الفرق بين طاقة العقاد وطاقة مخلوف، والحنق على أن يكون مثل هذا ناقداً لمثل ذاك. . .
(والحق أن هذا مما تضيق به الصدور الخ. . .)
وحديث مثل هذا يفسر، بكل صدق، بأن حضرة الأستاذ سيد ليس له مبدأ في الجدال وأنه يتلاعب بالحقيقة، فطوراً ينفيها ويكفر بها، وطوراً يتوب ويتعذر!
وفي فقرة أخرى يأخذ على الأستاذ سعيد (تعرضه) بلقب (أمير الشعراء) الذي ينحله الدكتور طه حسين للعقاد (تملقاً) للشعب ونزولاً على هواه، ويرى أن هذا (اللقب) دون منزلة العقاد لأن (المسافة بينه وبين شعراء العربية في هذا العصر أوسع من المسافة بين السوقة والأمراء)
وهذا - لو كان للأستاذ شيء من المنطق - يحط من منزله العقاد إلى حدّ هائل، إذ كيف