أعتقد أن وزير الأوقاف فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري لم يقبل هذه الوزارة إلا وفي مخيلته رسالة الإصلاحية يبغي تحقيقها، وفي نفسه ثورة انقلابية يود إشعالها، مستعيناً على تحقيق رسالته وإشعال ثورته بنضارة شبابه وسداد رأيه وقوة عزمه، ومستمداً التأييد من هذا العهد الجديد القائم إلى أسس ثابتة من الإصلاح
وأعتقد مرة أخرى أن وزير الأوقاف هذا ينال ثقة كبرى من شعب مصر على اختلاف أحزابه وهيأته. ولا سيما شباب الطليعة الذي يقدر ثقته، ويحسن الظن بها. وما أكثر ما يئس الناس قبلاً من إصلاح وزارة الأوقاف وفقدوا الأمل كله في إنقاذها من أوحالها وأثقالها وأوزارها! ولكن ما أكثر ما يملأ الرجاء اليوم قلوبهم وما ينبعث الأمل في نفوسهم، واثقين كل الثقة من إصلاحها وإنقاذها على يد وزيرها الشاب الناهض الذي لا يقر العجز ولا يلين لليأس ولا يؤمن بالتقهقر، ولا يرضى الفشل ثمرة لجهده الجبار الذي يهب له صحته وراحته
ونحن لا يعنينا حل الوقف الأهلي، ولا تنظيم الوقف الخيري، ولا وضع حد لفوضى الصدقات والخيرات. بقدر ما يعنينا رسالة المسجد في ظلال وثبة الجيش الجبارة، والنهضة الجديدة المباركة، وبرنامج الإصلاح الشامل المنشود، لأن الوقف بنوعيه يهم فئة من الشعب، ونظام الصدقات يجب ألا يكون من مقومات الأمة في عهدها الجديد
أما المسجد فيخض الشعب بأسره، وهو ضروري له، لأننا نبغي بعثه من جديد، وتكوينه التكوين السليم، حتى نؤهله للوقوف بجانب الشعوب الناهضة الحية التي أبت إلا حياة العزة والكرامة والمهابة فكان لها ما أرادت
كان المسجد في ظلال العهود الإسلامية الأولى معبداً تؤدى فيه الشعائر، ومعهداً تدرس بين جدرانه شتى العلوم ومختلف الفنون وندوة يروج تحت سقفه ألوان من الأدب المصفى، وبرلماناً شعبياً تلتقي تحت قبته الآراء الحرة، وترسم خطط النهضة، وبرامج الإصلاح وكانت خطبة الجمعة بياناً شاملاً عن سياسة الدولة وشؤونها وخطواتها وكان أن نكبت البلاد الإسلامية بعدئذ بعهود حائرة حكمتها حكماً إقطاعياً فإجراء أصاب فجوره وفساده