للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين الرافعي والعقاد]

للأستاذ محمود محمد شاكر

قرأت ما كتب الأستاذ سيد قطب في العددين السالفين من الرسالة، وكنت حرياً ألا أعبأ بما يكتب عن الرافعي في أوان حول وفاته، وقد تهيأ أهله وأحباؤه وأصحابه تتلفت قلوبهم لذكراه الأولى بعد أن سله الموت من بينهم اغتراراً

والأستاذ سيد قطب قد أبى له حسن أدبه، وجميل رأيه، ومروءة نفسه، ونبل قلبه، وشرف مقصده، وإشراق نقده، إلا أن ينبش ماضي الرافعي وما سلف من أمره، ليستخرج حلية يتحلى بها إذ يكتب عن خصومة بين رجلين: أما أحدهما - أنسأ الله في أجله وأمتع به - فما برح يتلطف للناس بما يستجيد من عمل يجدد به مطارف آخرته؛ وأما الآخر - رحمة الله عليه - فبين يدي ربه يتقرب إليه بعمل قد أبلى به أثواب دنياه. فلولا أن الميت لا يدفع عن نفسه في ساعة موته مثل الذي كان يدفع في أيام حياته، وأن ذكر الحي أقرب إلى الناس من ذكر الميت - لكان جديراً بنا أن ندع الأستاذ المهذب الفاضل يتكلم بالذي يهوى على ما خيلت له. فليس للأدب اليوم من الحرمة، ولا فيه من النبل، ولا عليه من الحياطة والحرص، ما يحفز أحداً للمراصدة دونه أن يمتهن أو يسترذل

هذا. . .، وقد جعل الأستاذ الفاضل يستثير دفائن الإحن والأحقاد كانت بين الرافعي والعقاد، ليتخذ منها دليله الذي يفزع إليه في أحكامه!! على الرافعي. لا بل على قلب الرافعي ونفسه وإيمانه بعمله وعقيدته فيه!! ثم لم يرض بذلك حتى نفخ فيها من روح الحياة، ما جعلها مما يكتب الأحياء عن الأحياء للإيلام والإثارة، لا للجرح والتعديل والنقد؛ وكأن الفتنة عادت جذعة بين الرافعي نفسه وبين العقاد. ولقد بدا لبعض الناس رأي فيما كتب الأستاذ المهذب، ولكنا نفيناه إذ سئلنا عنه، فنحن نعلم أن العقاد لا يرضى اليوم أن يكتب مثل هذا الذي كتب عن الرافعي. ولقد ساء ظن امرئ بالعقاد ألا تكون للموت في نفسه حرمة، حتى يكون هو يعين عليه أو يرتضيه أو يسكت عنه إلا سكوت الغضب والاستهانة

فنحن إذ نكتب في رد كلام هذا الأستاذ الفاضل سيد قطب لا نبغي أن نسدد له الرأي فيما يحب أن يرى، فما علينا ضل أو اهتدى، ولا أن نقيم مذهب الرافعي على أصله وقد ذهب

<<  <  ج:
ص:  >  >>