للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بحث لغوي]

كلمة (قرآن)

بقلم محمد طه الحاجري

للقراء في أداء كلمة قرآن طريقان: تحقيق الهمزة فيها، وإهمالها منها؛ فبعضهم يقرؤها (القران) وبعضهم (القرآن) والقراءة غير المهموزة تنسب إلى إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين قارئ أهل مكة في زمانه، وآخر أصحاب ابن كثير زماناً، كما يقول عنه الذهبي في كتابه (طبقات القراء المشهورين) وقد روي عن أبي عبد الله الشافعي قوله في هذا الصدد، قال: (قرأت على إسماعيل وكان يقول القرآن اسم وليس بمهموز، ولو كان من قرأت كان كل ما قريء قرآناً، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والانجيل، تهمز قرأت ولا تهمز القرآن) وكذلك روى صاحب اللسان مثل هذه الرواية، وزاد عليها تزكية لها وإعلاء لسندها النسب الذي يصل قراءة إسماعيل بالقراءة الأولى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: (قال إسماعيل قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأت على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجهد أنه قرأ على ابن عباس رضى الله عنه، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي، وقرأ أبي على النبي صلى الله عليه وسلم)، وبعد أن أورد ابن منظور هذا القول روى عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال: (كان أبو عمرو بن العلاء لا يهمز القرآن، وكان يقرؤه كما روى عن ابن كثير) فهذه إذن قراءة معتبرة لا شك في صحتها وقوة سندها.

ولكن عبارة القسط ينظر إليها من ناحيتين: ناحية الرواية وناحية الدراية أو التعليل، أما الأولى فلا كلام لنا فيها، وأما الناحية الثانية فقد نازعه فيها كثير من العلماء الذين أورد الفخر الرازي أقوالهم، فقد قال الزجاج عن قول إسماعيل هذا إنه سهو والصحيح أن ترك الهمزة من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، فكأنه يرى أنها مشتقة من مادة قرأ، وأنها تساوي كلمة قرآن المهموزة، إلا ما كان من هذا التخفيف الذي تجيزه اللغة وتخضع له، ولا يغير شيئاً من أصول الكلمات فيها

على أن هذا التخفيف كثير شائع مطرد في كثير من القراءات التي ترجع إلى أهل الحجاز لما في طبيعة نطقهم وميلهم اللغوي، وهاك ما يقوله ابن الجزري في كتابه: (النشر في

<<  <  ج:
ص:  >  >>