للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول الفن القصصي في القرآن الكريم]

أبدأ اليوم بعرض وجهة نظري في مسألة من أخطر مسائل بحثي وهي مسألة الأسطورة. وأرجو ألا يزعجنا هذا اللفظ ونقع في أخطاء وقع فيها غيرنا حين ظن أن معنى الأسطورة الكذب والمين أو الخرافات والأوهام، فذلك ما لم يقصد إليه القرآن الكريم.

ليست الأسطورة في حس القرآن الكريم إلا ما سطره الأقدمون من

أخبارهم وأقاصيصهم بذلك تنطق آياته وإلى ذلك فطن المفسرون.

قال الله تعالى (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا.) وقال تعالى (قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين.).

وجاء في الطبري ج٩ص١٤٢ (والأساطير جمع أسطر وهو جمع الجمع لأن واحد الأسطر سطر ثم يجمع السطر أسطر وسطور ثم يجمع الأسطر أساطير وأساطر وقد كان بعض أهل العربية يقول وأحد الأساطير أسطورة. وإنما عنى المشركون بقولهم أن هذا إلا أساطير الأولون أن هذا القرآن الذي تتلوه علينا يا محمد إلا ما سطره الأولون وكتبوه من أخبار الأمم كأنهم أضافوه إلى أنه أخذ عن بني آدم وأنه لم يوجهه الله إليه.).

ثم جاء في الكشاف ج٢ص١٠٣ (أساطير الأولين. ما سطره المتقدمون من نحو الحديث عن رستم واسفنديار جمع أسطار أو أسطورة كأحدوثة).

وجاء في المنار ج٩ص٦٥٣ عند تفسيره لآية الأنفال (إن هذا إلا أساطير الأولين). أي قصصهم وأحاديثهم التي سطرت في الكتب على علاتها وما هي بوحي من عند الله. قال المبرد في أساطير هي جمع أسطورة كأرجوحة وأراجح وأثفية وأثافي وأحدوثة وأحاديث وفي القاموس الأساطير الأحاديث لا نظام لها. .

قال المفسرون كان النضر بن الحارث. . كأنهم يعنون أن أخبار القرآن عن الرسل وأقوامهم اشتبهت عليه بقصص أولئك الأمم فقال أنه يستطيع أن يأتي بمثلها فما هي من خبر الغيب الدال على أنه وحي من الله. ولعله أول من قال هذه الكلمة فقلده فيها غيره ولم يكونوا يعتقدون أنها أساطير مختلقة وأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الذي افتراها فإنهم لم يكونوا يتهمونه بالكذب كما نقل عن كبار طواغيتهم ومنهم النضر بن الحارث وقد قال تعالى في ذلك فإنهم لا يكذبونك ولكن الضالمين بآيات الله يجحدون. بل كانوا يوهمون

<<  <  ج:
ص:  >  >>