العرب أنه اكتتبها وجمعها كما في آية الفرقان وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا. أي ليحفظها).
يجب إذاً ألا تزعجنا هذه اللفظة فنجرى فيها وراء الخيال ونعتقد أنها الأكذوبة أو الخرافة وإنما يجب أن نقف منها عند المدلول الذي فهمه المفسرون والمعنى الذي قصد إليه القرآن.
وأعود فأقول إني أعرض لهذه المسألة الخطيرة مسألة الأسطورة وآمل أن يتفضل علينا أصحاب العقول الراجحة والقلوب المستنيرة - من الذي يعرفون الدقائق الأدبية ويفقهون المسائل القرآنية - بالمشاركة في البحث حتى يفطن كل منا إلى حقيقة موقفه إن كان حقاً يحرص على الروح العلمية في بلدنا العزيز.
إنى لأقدر منذ اللحظة الأولى أنه من الجائز أن أكون قد أخطأت القصد أو ضللت الطريق وأن يكون الأستاذان الفاضلان أحمد بك أمين وأحمد الشايب قد أصابا ولكنى لم أتبين بعد جانب الخطأ أو وجه الإصابة ومن هنا كتبت ما كتبت وآمل أن نصل إلى الحق المبين.
ولعل نقطة الخلاف فيما بيني وبين أستاذي الفاضلين تضيق وتتضح حين نشرح الصنيع الأدبي أو البلاغي في الأسطورة شرحاً موجزاً ولذا نقول.
الأسطورة كما يعرفها الأدباء في صنيعهم البلاغي وسيلة فعالة من وسائل تجسيم المعاني وتمثيلها لتتضح وتبين. وهى من هذا الجانب تعتبر أداة من أدوات التعبير يعمدون إليها أحياناً للتعبير عن المعاني الفلسفية أو كل معنى دقيق عميق.
الأسطورة في هذا الوضع تشبه اللفظة المفردة إلى حد كبير. وإذا كان من حق الأديب أن يعمد إلى المفردات فيحملها من العواطف والمعاني ما يريد فكذلك من حقه في الأساطير.
وإذا كان الأديب يخرج أحياناً بالألفاظ المفردة عن معانيها الحقيقية إلى أخرى مجازية فكذلك يفعل بالأساطير.
وإذا كان التاريخ الأدبي يدلنا أحياناً على أن هذه المعاني المجازية قد أصبحت حقائق عرفية أو شاع استعمالها حتى لينسى الناس المدلولات الأصلية أو الأولى فكذلك يدلنا في الأساطير.
وإذا كان الأديب يخرج أحياناً بالألفاظ المفردة عن معانيها الحقيقية إلى أخرى مجازية فكذلك يفعل بالأساطير.