للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حاجة الإسلام إلى زعيم]

للدكتور محمد يوسف موسى

الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول

نعم! الإسلام بحاجة اليوم إلى زعيم يلم شعثه، ويجمع متفرقه، ويوجهه نحو الخير، ويجعله حقا قوة من قوى العالم الحي الذي يسير قدما إلى الأمام، ويسهم بذلك في سعادة البشرية

في الإسلام، باعتباره دينا له عقائده وتشاريعه ومثله العليا، قوة مذخورة لا بد من الإفادة منها في قيادة العالم، وكل ما علينا هو أن نستخلصها منه. وفي الأمم الإسلامية، إن وجدت الزعيم الموجه القادر المخلص، قوى مادية ومعنوية لا غناء عنها للبشرية. هذا كله يدهى لا يحتاج إلى بيان، وهذا كله يحسه كل منا ويملأ به فمه حين يتحدث إلى أخيه في الدين أو الوطن.

لو لم يكن العالم في ماضيه وحاضرة ومستقبله بحاجة إلى الإسلام، ما اتصلت السماء بالأرض لتوحي به وبرسالته، فإن هذا الاتصال، وهو خرق لقوانين الطبيعة، لا يكون إلا حين تدعو الحاجة الملحة والضرورة المطلقة. وكذلك كان الأمر حين نزل وحي السماء بدين جديد يوائم الإنسانية وقد بلغت رشدها، بعد أن استنفدت كل من اليهودية فالمسيحية أغراضها، ويوائم أيضا الإنسانية في جميع ما تمر به من مراحل وأزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ولكن هذا الدين على حاجة العالم له، ومع قيام نهضة أوربا على كثير مما جاء به ومما خلد على الزمن من تفكير أعلامه، صار الآن مهملا من أصحابه، وصارت دولة نهب الطامعين، وصاروا لا شأن لهم في كثير من أمورهم يله أمور العالم عامة! لماذا؟ لأن الأمة الإسلامية لا تجد منذ زمن طويل الزعيم المؤمن حقا بإسلامه ورسالته، فيأخذ بيدها إلى الأمام لتقتعد مقاعد العز والمجد بين المم المختلفة.

نحن لا نشكو القلة في العلماء والمفكرين؛ فعندنا بحمد الله علماء مبرزون في التشريع، والتاريخ، والآداب، والفنون، وعندنا كذلك كتاب مشاهير، وخطباء مصاقع، وأطباء نطاسيون، ومهندسون بارعون، ودهاقنة في أمور المال والاقتصاد، إلى أمثال هؤلاء وأولئك ممن يقوم عليهم بناء الأمة ولا تستغني عنهم الدولة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>