ولكن، مع هذا كله، نرى البلاد الإسلامية لا تسير على الجادة المستقيمة، ولا تكاد تسير برأيها الخاص وفق تقاليدها الخاصة في موكب العالم. ذلك، ونكررها مرة أخرى بأن العالم الإسلامي فقد منذ زمن طويل (الزعيم) المؤمن بدينه وشريعته، الفاهم برسالته، المخلص لدينه ولقوميته؛ الزعيم الذي يجعل همه من حياته بيان طريق الخير وحمل أمته عليه، والأخذ بيدها لنسير فيه، سر ذلك الغرب أو ساءه.
نحن بحاجة إلى زعيم يفكر في غاية التي يجب أن نصل إليه، ويقدر الوسائل التي يجب أصطناعها، ولو طلب في هذا السبيل نظم التعليم مثلا رأسا على عقب لتستطيع المدرسة خلق الشباب المسلم، ويعمل على حمل قومه على الإسلام الصحيح عقيدتا وقولا وعملا قبل محاولة حمل الآخرين عليه.
أن نظام التعليم الحديث، في الزهر والجامعة على السواء، قد فشل في أداء رسالته، وهي تخريج جيل يحسن الإفادة بما تلقن من علم وحاز من ثقافة صالحة، جامعا إلى هذا الاعتزاز بدينه وقوميته ووطنه وضميره وكرامته. أن هذا النظام قد أخرج، ولا يزال، لنا من الشباب من يقول ولا يفعل، ويدعي ولا يحقق، ويتمنى ولا يريد، أو يريد ولا يصمم على بلوغ ما يريد، ومن يعرف الدين دون أن يخالط الإيمان الحق قلبه فينزل دائما عليه في حكمه، ومن يعتز بأوربا ويفتتن بكل ما رأى فيها دون تفرقة بين الحق والباطل والنافع والضار!
إن ممن تخرجوا على نظام هذا التعليم - حتى من الأوربيين - يفهم كيف تسخر الكهرباء والبخار وسائر قوى الطبيعة، للطيران في الهواء والسباحة في الماء ولكنه مع هذا كله لا يحسن أن يمشي على الأرض!
ونظام هذا قصاراه، وتلك نتائجه، يجب التغيير منه، أن لم نقل تغييره كله من أساسه، ليقوم على أسس جديدة تجعله يخلق الشاب المؤمن الكامل في طباعه وخلقه، الفاهم حقا لرسالته التي تجمع بين عز الدنيا وسعادة الآخرة. نحن بحاجة إلى زعيم يعتقد مع شاعر الإسلام السيد (محمد إقبال) أن مقام المسلم في هذا العالم مقام كبير خطير؛ مقام الإمامة والتوجيه، لا مقام التقليد والاتباع، فأنه لم يخلق ليندفع مع التيار، ويساير الركب البشري حيث يتجه ويسير؛ بل خلق ليوجه المجتمع البشري والعالم والمدنية، ويفرض على البشرية اتجاهه