للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المشكلات]

٩ - اللغة العربية

للأستاذ محمد عرفة

لماذا أخفقنا في تعليمها؟ - كيف نعلمها؟

لقد فاتحت كثيراً من رجال التربية والتعليم في مصر ممن يهتمون باللغة العربية في هذا الأسلوب الجديد في تعليم اللغة، فكانوا جميعاً يلقونني بشبهة واحدة قد اتفق الجميع عليها، وكأنهم تواطئوا على إيرادها، أوردوها من لا أحصي ممن يهتمون بشئون التعليم في مصر، ومن قبل ذلك أوردتها فيما بيني وبين نفسي

وهذا دليل على قوتها، وقرب تناولها؛ فإن استطعت حلها فقد ذللت عقبة كأداء في سبيل الإصلاح المنشود

يقولون جميعاً: مما يعوق ملكة تكوين اللغة العربية عندنا أن اللغة العامية سبقت إلينا فتكونت ملكتها فينا، واللغة العامية تحريف للغة العربية وخطأ فيها، فإذا تكونت فينا ملكة اللغة العامية فهذا معناه تكون ملكة الخطأ في اللغة العربية، وإذا سبق الخطأ وصار ملكة ثبت ورسخ، فإذا أريد بعد ذلك إصلاحه وصيرورة هذا الإصلاح ملكة تعذر واستحال

ومما يزيد الأمر تعذراً واستحالة أننا لا نزال نسمع من والدينا وإخواننا وأهلينا ومخالطينا وأصدقائنا اللغة العامية، يتكلمون بها ونكلمهم، ونتفاهم بها ونتساجل، فهي لغة البيت ولغة الشارع ولغة المدرسة ولغة الأغاني ولغة التمثيل ولغة الخيالة ولغة بعض المجلات، أينما توجهنا وجدناها، وحيثما أصغينا سمعناها، وهذا معناه أن الخطأ واللحن في اللغة العربية سبق فصار ملكة، وأنه لا يزال يتردد على أسماعنا ونردده فيزداد رسوخاً، حتى يختلط بلحمنا ودمنا، فمهما فعلنا للتخلص من ملكة اللحن والخطأ لم يفدنا، وكلما هربنا من هذه الملكة لحقتنا؛ فأين النجاء وأين المهرب؟ وهي قد سبقت فاستحكمت فينا، ثم أخذت تلاحقنا وتسابقنا وتتغلب علينا وتقهرنا. ولعل هذا هو الذي دعا العلماء الأقدمين إلى أن ييأسوا من تكوين ملكة العربية الصحيحة، فاكتفوا بالقواعد والقوانين التي تضبط أمرها مع التنبيه والمعالجة، ولم يسموا إلى ملكتها التي تعطي التعبير بها دون قصد ولا تنبه ولا تكلف ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>