كان بالأمس مارداً، فثوى اليوم راقداً. . . كان فلم يكن ولن يكون، بعد أن أضاء على الإنسانية جميعها بذلك النور الفني الخالد.
لقد وصل ماضينا بحاضرنا وبمستقبلنا أيضاً، فكان الحلقة المتينة، وملأ ذلك الفراغ الهائل المظلم القاتم الذي نام أثناءه أبو الهول ونام المصريون بجواره، إلى أن عادت إليهم الروح وثارت ثورتهم فهبط عليهم من السماء، وكان قائداً لخيال ذلك الشعب، وحقق أمله في النبوغ. وأنهض أبا الهول بعد طول رقاده بجانب الفراعين الذين حققوا لربوضه الهدوء والنوم. رمزوا به لقوة باسهم وشدة بطشهم، ولم يحتاجوا بعد إليه وقد خضع الكل لسلطانهم فنام وملأ جفونه نوماً، إلى أن شعر القوم باحتياجهم إليه فأنهضه مختار وجعله ينظر محدقاً عازماً شاعراً ما سوف يطلب منه اليوم وغداً.
إن من لم يسمع لفظ فرعون من فيك يا مختار لم يفقه من هو فرعون. . هو لفظ كنت تسوقه من شعورك العميق ينبئ بالقوة وبالجبروت
ومن لم يسمع منك لفظ الثورة التي قامت بهذا البلد الذي شعرت انك من ترابه أو من التراب الذهب لهؤلاء الفراعين. . . من لم يسمعك تحدث عن الثروة بلفظها الذي كنت تنطق به فيصير تمثالاً من صنع بصيرتك وحسك وقلبك الكبير. . . ان من لم يسمعك لم يضطرب قلبه من هولها.
لم أرك يا مختار إلا وتلك الروح مخيمة عليك وظلت غذاءك. . . وأنت يا مصر، يا من تقفين بجانب القوة الناهضة، أنت الروح وأبو الهول الجسد، علام تنظرين؟ إلى الشمس أم إلى أبنائك؟ إلى سلام أم إلى حرب؟
تخيلك على ضفاف السين وقبله ينبض بحبك - تتمثل أجمل امرأة أمام عينيه فلا يرى غيرك، يطير بخياله إليك لأنك الغاية. عاش ينشد حبك طول طريقه. هذا نقابك تحاولين فيه بيسراك حجب بعض الضوء، لتحققي النظر وتتعرفي أسرار ما سيأتي لك به القدر. .
هذه الحركة المصرية الصميمة أنشودة ستصدح مع الزمان. . .
تراك جميع المصريات فيتعرفنك ويعجبن ويفخرن، لأنك ترفعين الرأس إلى السماء،