إذا كان الزوج كفئاً لائقاً ورضيته الفتاة، فليس للولي أن يعضُلها (يمنعها من التزوج به)، وإن فعل ذلك سقط حقه في الولاية عليها، وانتقل الحق إلى من يليه من عَصَبتِها، (ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) أي لا تمنعوهن ذلك؟ فهاتان حالتان لا يملك الولي أن يقهر المخطوبة فيهما على غير ما تريد:
١ - غير كفء يخطبها وهي ترفضه
٢ - كفء يخطبها وهي فيه راغبة
وهناك حالة ثالثة، للاجتهاد فيها مجال، وللعلماء فيها مقال ومقال؛ هي: خاطب كفء لائق، ولكن المخطوبة ترفضه وتأباه؛ ففريق يرى قولها مسموعاً، وحقها ناهضاً، ما دامت رشيدة تعرف ما يطيب ويخبث من شئونها، وتدرك خيرها من شرها؛ وفريق يذهب إلى هذا الرأي كذلك إن كانت المخطوبة ثَيباً، أما إن كانت بكراً فليس لها أن ترفض من يراه الأب صالحاً وكفئاً، وإنما تستأذن فيه، عملاً بظاهر حديث الرسول:(تستأذن البكر، وتستأمر الشيب)، ويرون أن أباها أعرف منها بصالحها، فمن حقه إجبارها
وعلى الإجمال الذي يعفينا من التطويل، فإن الإسلام ينشد لكل من الزوجين رفيقاً ساراً، ويبتغي لكل منهما حياة مأمونة المكاره، ويلتمس من وراء ذلك نسلاً كريماً، وأمة ماجدة عريقة في الطهر والعفاف ومكارم الأخلاق
ويجمع هذه الأغراض كلها قول النبي (ص): (إياكم وخضراء الدِّمن): يحذرنا من المرأة الجميلة الشكل، القبيحة الأصل والأخلاق، ويشبهها بالدوحة الخضراء الندية تنبت في الدِّمن - وهي القاذورات ومطارح الزبالة - فإن يكن لها نصيب من حسن الرواء، وفرط البهاء، فبئس ما وراء هذا المنظر من شناعة المخبر