للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مدن الحضارات في القديم والحديث]

للأستاذ محمد عبد الغني حسن

- ٤ -

كانت حفلات الفاطميين في القاهرة موصولة لا تنقطع العام كله. ولقد صورها المؤرخون المعاصرون صوراً تنقل إلينا حقائق كثيرة عنها، ومن هؤلاء المؤرخين أبو محمد الحسن ابن زولاق مؤرخ المعز لدين الله وصاحب سيرته، وابن الطوير الذي يأخذ المقريزي عنه كثيراً في خططه، والمسبحي صاحب التاريخ الكبير، وابن عبد الظاهر وغيرهم.

وكانت القاهرة في عهد الفواطم تزخر بالقصور الكثيرة والدور المختلفة. ومن القصور التي ورد ذكرها في كتب الخطط: القصران الكبير والصغير، والقصر اليافعي، وقصر الذهب، وقصر الأقيال، وقصر الظفر، وقصر الشجرة، وقصر الشوك، وقصر الزمرد، وقصر النسيم، وقصر الحريم، وقصر البحر

ومن الدور المشهورة عندهم دار الضيافة ودار الوزارة ودار الضرب ودار الذهب ودار الملك

ومن المناظر التي كثرت في عهدهم منظرة اللؤلؤة وكانت تقع على الخليج، ومنظرة الغزالة، ومنظرة المقس، ومنظرة الدكة، ومنظرة السكرة.

والقصر الكبير يسمى المعزي نسبة إلى المعز لأنه هو الذي أمر جوهراً ببنائه حينما زايل مع عسكره شمالي أفريقية إلى مصر. ويقول المقريزي إن هذا القصر من ترتيب المعز ورسمه، وإن جوهراً لم يكن في البناء والتعمير إلا منفذاً لتصميم مولاه. ويجد القارئ وصف هذا القصر وصفاً تفصيلياً في الخطط مما ليس هذا موضع الإفاضة فيه. إلا أن شيئاً واحداً يطيب ذكره في هذا الموضع، وهو مد السماط في شهر رمضان، وكيف كان يجتمع فيه قاضي القضاة والوزير والأمراء يأكلون الطعام الهنيء ويشربون الشراب المريء ويقدم إليهم الماء المبخر في كيزان الخزف.

وكان لعيد الفطر مثل هذا السماط ومثله في عيد النحر، وكانت القاهرة المعزية تشهد هذه الحفلات في فرح عظيم

ولا نجد أحلى في هذا المقام من تدوين أبيات من القصيدة التي رثى بها عُمارة اليمني

<<  <  ج:
ص:  >  >>