الدولة الفاطمية، وودع مكارمها وأيامها وحفلاتها وعاداتها، وشيَّع فيها السن الجميلة التي استنوها لإحياء عيد أو إقامة شعيرة أو توديع جيش أو فتح خليج، فقال:
دار الضيافة كانت أنُس وافدكم ... واليوم أوحش من رسم على طلل
وفطرة الصوم إن أصفت مكارمكم ... تشكو من الدهر حيفا غير محتمل
وكسوة الناس في الفصلين قد درست ... ورث منها جديد عنهم وبلى
وموسم كان في كسر الخليج لكم ... يأتي تجملكم فيه على الجمل
وأول العام والعيدان كان لكم ... فيهم من وبل جود ليس بالوشل
والأرض تهتز في عيد الغدير بما ... يهتز ما بين قصريكم من الأسل
والخيل تعرض في وشى وفي شية ... مثل العرائس في حلى وفي حلل
ولا حملتم قوي الأضياف من سعة الْ ... أطباق إلا على الأعناق والعجل
وما خصصتم ببر أهل ملتكم ... حتى عممتم به الأمضى من الملل
وللجوامع من أحباسكم نعم ... لمن تصدر في علم وفي عمل
والقصيدة تجري كلها على هذا النسق من حسن السبك وجودة التصوير وصدق العاطفة وأثر الفجيعة والإحساس الأليم ويذكر المقزيزي أنه سبب هذه القصيدة قتل عمارة وتمحلت عليه الذنوب
لم يكن التصوير الفوتوغرافي قد ظهر في ذلك العهد ولو كان ذلك لبقيت لنا لوحات ومناظر تغني عن وصف القلم الذي كثيراَ ما يوجز فيجنح إلى الإخلال أو يطيل فيميل إلى المبالغة والإغراق ولو كان الرسم متقدماً في ذلك العهد، لسلمت لنا لوحات مصرية صادقة كتلك التي يصنعها الرسامون أمثال: محمود بك سعيد، واحمد بك راسم، وصبري، وعياد، وصباغ، وهلبرت التشيكوسلوفاكي المتمصر وغيرهم ممن يسجلون الحياة المصرية المعاصرة في لوحات ستبقى خالدة تمثل الفن من ناحية وتسجل تاريخ الخطط المصرية من ناحية أخرى
ولقد زار القاهرة في القرن الثامن الهجري الرحالة ابن بطوطة صاحب الرحلة المشهورة، وكان سلطان مصر على عهد دخوله إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي. وقد أثنى ابن بطوطة على الملك الناصر في خلال كتابه ثناء عظيما