ولقي ابن بطوطة في القاهرة جماعة من الأمراء والفضلاء ذكرهم في رحلته، ووصف في خلال ذلك مجلس القاضي فخر الدين (وكان قبطياً ثم اسلم)، وكيف كانت تقضي عنده الحوائج، وتدرك لديه المطالب
وقد ترك لنا ابن بطوطة في رحلته وصفاً مختصراً ممتعاً ليوم المحمل في القاهرة، وهو يرينا صورة لما كان يجري في هذه العاصمة القديمة في عصر المماليك الذي جاء بعد عصر الفواطم.
وكان هذا اليوم يوماً مشهوداً، يركب فيه القضاة الأربعة ووكيل بيت المال والمحتسب، ومعهم الفقهاء، والرؤساء وأصحاب السلطان وأرباب الدولة وأهل الوجاهة، ويقصدون باب القلعة دار الملك الناصر (سلطان مصر في عهد المؤرخ)، فيخرج إليهم المحمل على جمل وأمامه أمير الحج المعين لمرافقة المحمل في تلك السنة ومع الأمير عسكره وأتباعه والسقاءون على جمالهم، ويجتمع لذلك أصناف الناس من رجال ونساء، ثم يطوفون بالمحمل في أنحاء القاهرة ومصر وأمامهم المنشدون ينشدون والحداة يحدون. . . وعندئذ ينبعث في قلوب الناظرين شوق إلى الحج وتهيج عزماتهم وتتحرك بواعثهم لقضاء الفريضة الموقوتة والعبادة المكتوبة.
ومن دواعي الأسف أن ابن بطوطة لم يترك لقلمه العنان في وصف القاهرة وما كانت عليه يوم وفوده عليها، وإنما اكتفى من ذلك بالنظرة العابرة، واللحظة الخاطفة، ولو قد فعل لترك لنا وصفاً طويلاً وصورة جميلة لنواح كثيرة من القاهرة كأسواقها ودورها وقصورها ومجامعها ومحافلها، ومساجدها ومدارسها، وشوارعها وحواريها، وقناطرها وجسورها، ولعل الناحية التخطيطية لم تكن تعنيه كما عنت المقريزي وعلي باشا مبارك من بعده.
أما ابن إياس صاحب التاريخ المشهور ومؤرخ مصر الإسلامية في آخر عصر المماليك وأول العصر التركي فقد وصف القاهرة في عصره وصفاً لا يخلو من فائدة
ومن الحفلات التي وصفها ابن إياس في كتابه المشهور حفلة المولد النبوي الشريف فهو يذكر أن السلطان الغوري أقام الخيمة العظيمة التي صنعها الأشرف قايتباي - وبلغت تكاليفها ستة وثلاثين ألف دينار - وقد صنعت من قماش مختلف الألوان واشترك في