وقد أنشئت في أرجاء البلاد الإسلامية دور أخرى للعلم عرفت باسم المدارس ومن أقدمها مدارس نيسابور: المدرسة البيهقية، ومدرسة الأمير نصر أخي السلطان محمود. ثم جاء الوزير نظام الملك وزير السلاجقة في القرن الخامس فأنشأ مدارس كثيرة في بغداد ونيسابور وهراة وأصفهان ومرو والبصرة والموصل. وقد فتحت نظامية بغداد للدرس سنة ٤٥٩، وتولى التدريس بها على مر العصور جماعة من كبار العلماء منهم:
الغزالي، وابن عساكر، وأبو اسحق الشيرازي. وأقام بها الغزي الشاعر، وتولى الأبيوردي خزانة الكتب بها
ورتب نظام الملك في مدارسه أرزاقاً للعلماء وجرايات للطلاب ليفرغوا لطلب العلم. وقد روى أنه كان ينفق على مدارسه ٦٠٠ ألف دينار في السنة
وقد روى الحاج خليفة أن بعض العلماء اغتموا لبناء هذه المدارس وخشوا أن تكون ذات أثر سيئ في العلم والعلماء قال:
(على أن من تعلم علماً للاحتراف لم يأت عالماً إنما جاء شبيهاً بالعلماء، ولقد كوشف علماء ما وراء النهر بهذا ونطقوا به. لما بلغهم بناء المدارس ببغداد أقاموا مأتم العلم وقالوا كان يشتغل به أرباب الهمم العلية والأنفس الزكية، الذين يقصدون العلم لشرفه والكمال به، فيأتون علماء ينتفع بهم وبعلمهم. وإذا صار عليه أجرة تدانى إليه الأخسّاء وأرباب الكسل فيكون سبباً لارتفاعه
قال جيبون: إن ولاة الأقاليم والوزراء كانوا ينافسون الخلفاء في إعلاء شأن العلم والعلماء، والإنفاق على دور العلم , ومعاونة الفقراء على التعلم، فأولع الناس بالتعليم والتعلم ما بين سمرقند وبخارى إلى فاس وقرطبة. وقد أنفق وزير واحد لأحد السلاطين (نظام الملك) مائتي ألف دينار على بناء المدرسة النظامية ببغداد وجعل نفقتها خمسة عشر ألف دينار في السنة.
وكان فيها ستة آلاف تلميذ فيهم ابن العظيم وابن الفقير. إلا أن الغني ينفق من مال أبيه