والفقير يأخذ من ريع المدرسة. وكان للمعلمين رواتب كبيرة
وكثرت المدارس على مر الزمان وتنافس فيها الأمراء والكبراء. قال ابن جيير في الكلام عن بغداد:(والمدارس بها نحو الثلاثين وهي كلها بالشرقية. وما منها مدرسة إلا يقصر القصر البديع عنها وأعظمها وأشهرها النظامية. ولهذه المدارس أوقاف عظيمة وعقارات محتبسة تصير إلى الفقهاء والمدرسين بها ويجرون بها على الطلبة ما يقوم بهم)
ولا ننسى المدرسة المستنصرية التي بناها الخليفة العظيم المستنصر بالله العباسي (٦٢٣ - ٦٤٠) ولا تزال آثارها قائمة على شاطئ دجلة. وكان يدرس بها العلوم الدينية والتاريخ والطب والحساب والمساحة. وكان يتصل بها صيدلية ومستشفى. وقد بلغ عدد الفقهاء المدرسين بها ثلاثمائة تجري عليهم الأرزاق.
وكان لكل طالب جراية من الطعام وراتب من المال. وكان من مدرسيها أبو الفرج بن الجوزي وغيره من كبار العلماء
وكانت هناك دار للاجتماعات والحفلات الرسمية كما يكون في جامعات هذا العصر أحياناً. وكان من شروط الواقف فيها أن يكون لكل مدرس في كل يوم ٢٠ رطلاً من الخبز و٥ أرطال من اللحم بالخضر والحطب وفي كل شهر ١٢ ديناراً، ولكل مُعيد سبعة أرطال من الخبز وغرافان من الطعام وثلاثة دنانير في الشهر، ولخازن الكتب ١٠ أرطال خبزاً في اليوم وأربعة لحماً وعشرة دنانير في الشهر، وللمشرف على هذا الخازن خمسة خبزاً واثنان لحماً، وثلاثة دنانير في الشهر الخ. وكان من الشروط أيضاً أن يرتب فيها طبيب مسلم حاذق يعلم عشرة من الطلاب دائماً ويعطي المرضى الأدوية بغير ثمن
تنافس أمراء المسلمين وكبراؤهم في بناء المدارس ودعوة الطلاب والمدرسين إليها، وإجراء الأرزاق الكثيرة وتيسير طلب العلم لهم. وقد عد المقريزي مما أنشئ في القاهرة إلى عصره من المدارس الكبيرة زهاء ثمانين مدرسة أقدمها المدرسة الصلاحية التي بناها السلطان صلاح الدين بجانب مسجد الإمام الشافعي بالقرافة سنة ٥٧٢؛ وجعل رئيسها الشيخ نجم الدين الجنوشاني. ومما يذكر مثالاً لأرزاق العلماء في تلك المدارس ما رواه السيوطي في حسن المحاضرة أن معلوم الشيخ نجم الدين كان أربعين ديناراً في الشهر وعشرة دنانير للنظر على أوقاف المدرسة. ورتب له كل يوم سبعين رطلاً مصرياً من