لا تزال اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في بلادنا، نعلمها للناشئة من السنة الثالثة الابتدائية، وتوشك أن تفرض على جميع المصريين بعد تنفيذ قرار التعليم الإجباري في مرحلة أولى موحدة
لا شك أن ذلك من أثر الاستعمار الإنجليزي في مصر، وأعني بذلك جعل الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الأولى في التعليم، ولولا ذلك الاستعمار لكانت لغة مثل الفرنسية هي الأولى، أو لكنا وزعنا اهتمامنا باللغات الأجنبية على عدد من اللغات الحية ولم تكن الإنجليزية على أي حال الأولى
ومن الواضح أن سواد المتعلمين حين تفرض عليهم لغة أجنبية بعينها من البدء يضطرون إلى توجيه عنايتهم إليها أكثر من غيرها، فيقل اهتمامهم باللغة الثانية - كما هو الواقع بالنسبة إلى الفرنسية النتيجة هي الاستعمار اللغوي، وما أبغض الاستعمار بجميع أنواعه! والسؤال الأول: هل هناك - غير الاستعمار الإنجليزي في مصر - ما يدعو إلى أن تكون الإنجليزية اللغة الأولى في المدارس والمعاهد والجامعات المصرية؟ ولا أحسب أن لدى أحد من أحرار العقول جواباً عن هذا السؤال
فلو قارنا بينها وبين اللغة الفرنسية لخرجنا من هذه المقارنة بأن اللغة الفرنسية أولى منها بهذه المنزلة. فاللغة الإنجليزية لا تنتشر إلا في إنجلترا ومستعمراتها، على خلاف الفرنسية التي يسود التفاهم بها في أكثر البلاد الأوربية إن لم يكن في جميعها حتى إنجلترا نفسها وكذلك في أمريكا، والفرنسية هي اللغة الأولى في المحافل والمجامع والهيئات الدولية، وهي العالمية للآداب والفنون، ما من أثر أدبي أو فني ذي قيمة في البلاد الأخرى إلا وهو مترجم إليها
والسؤال الثاني: ما الذي يحملنا إذا على الرضاء بذلك الاحتكار اللغوي الذي أصبح أهله أبغض الناس إلينا، ولماذا لا نزيح عنا هذا الكابوس في جملة ما نعتزمه؟
إن الإنجليز من غير شك - يحبون نشر لغتهم ويحرصون على إذاعتها، وقد تضمن