لقد كان إبراهيم باشا قائداً حربياً ممتازاً، كان ميالاً للحروب منذ نشأته المبكرة، وكان كما وصفه معاصروه:(شديد الشغف بالقتال، ولا يطيب نفساً إلا في جو الحروب)، جو المعارك الطاحنة والمواقع الفاصلة، ذلك الجو المملوء بالعمل والنشاط والحركة اضطلع إبراهيم بالحملات التي أسندت إليه منذ شبابه، وكان النصر حليفه في كل ميدان من الميادين التي خاضها. توجه إلى قتال الوهابيين، وكانوا عدواً صعب المراس شديد الحماس، يسيطر على شبه جزيرة العرب، قد أسكرته خمرة الانتصار على جيوش والى العراق، كما أسكره التحرر من حكم العثمانيين، وكان عجز السلطان عن إخضاعهم من عوامل بعث الثقة في نفوسهم وتقوية إيمانهم بمذهبهم الجديد حتى أصبحوا يرون أنفسهم على الحق، والعالم الإسلامي كله على الباطل!
هذا هو العدو الذي توجه إبراهيم لقتاله، وقد نجح في إسدال الستار على تلك الحركة الوهابية، وعلى تلك الدولة الفتية، بعد أن استولى على عاصمتها الدرعية. وعاد قاهر الوهابيين وحاكم بلاد العرب إلى مصر لتتلقاه بأهازيج النصر والفخار.
ونظر إبراهيم فوجد محمد علي قد أسند إلى الكولونيل سيف مهمة إنشاء جيش حديث، فلا يجد غضاضة، وهو القائد المظفر، في الانضمام كجندي عادي إلى الجيش الحديث، وينبهه الكولونيل سيف في لهجة الآمر إلى أن مكانه - لقصر قامته - في آخر الصفوف لا في أولها. ويدرك ذلك إبراهيم فيطيع أمر رئيسه في الحال.
ويذهب إلى السودان بعد ذلك ليساعد أخاه إسماعيل في إكمال فتحه، ثم يحول المرض بينه وبين إتمام مهمته، بعد أن وصل إلى قرب نهر السوباط فيعود إلى مصر من جديد.
وتشتد الثورة في اليونان، ويعجز السلطان عن إخضاعها، فيلجأ إلى تابعه القوي محمد علي باشا الذي يسند قيادة الحملة إلى نجله إبراهيم.
وكانت ثورة اليونانيين كثورة الوهابيين، كلتاهما كانت تلهبه العقيدة ويشعله الحماس. كانت الحرية أنشودة الثوار، بل أنشودة الشعوب الأوربية بأسرها ضد الحكومات الرجعية التي كانت تجثم فوق صدرها. ولذلك كان العدو الذي واجهه إبراهيم في بلاد اليونان كالعدو