من أنباء دمشق أن الحكومة السورية اغتنمت فرصة العطلة الموقوتة التي اضطر إليها أستاذ التربية في الشرق العلامة (أبو خلدون ساطع الحصري)، فعرضت عليه منصب المستشار العني لوزارة المعارف فيها، فقبله الأستاذ لأجل مسمى بعد تمنُّع شديد، ليتسنى له الرجوع متى شاء إلى العراق وطنه المختار، فيتبوأ فيه مكانه المرموق من قيادة النهضة الحديثة. وهذا التعيين ولاشك توفيق من الله يُناط به الأمل في بناء التعليم في الجمهورية السورية على أساس متين من العلم الصحيح والخبرة الحكيمة
ختان الأنثى بين الدين والرأي
أخشى أن يكون الأستاذ عبد المتعال الصعيدي قد شغله تطبيق قواعد فن الجدل عن أساسيات الموضوع فقد أوحت إليه طريقته في الدفاع عن الدين أن بعد إذ أجمع الأطباء على رأي الدكتور أسامة، بأن يوفق بين الطب والدين عن طريق تأويل حكم الدين، وهذا في نظره سهل في هذه المسألة، لأن الأحاديث التي وردت فيها أحاديث آحاد
فلنفرض أنه لم ينعقد إجماع، ولكن انعقدت أغلبية على رأى الدكتور أسامة؛ أفكان هذا مغيراً شيئاً من الناحية العملية للموضوع؟ إن الأستاذ عندئذ لا يكون عند نفسه مضطراً إلى التأويل، ولكن الشبهة تبقى حيث كانت من نفس الدكتور ومن لف لفه. وسيقال إن الدين يخالف أغلبية العلماء أو أغلبية الأطباء، ويكون الأستاذ لم يصنع شيئاً لخدمة الدين أو لإزالة الشبهة بتعليقه تأويل حكم الدين على انعقاد الإجماع
ثم لنفرض أن الإجماع انعقد على رأي الدكتور أسامة. أفكان يحل للأستاذ عندئذ التنازل عن حكم الدين بتأويله وإهمال أحاديث الآحاد الواردة فيه؟ كلا! لأن قاعدة التأويل التي يستند إليها مشروطة بالاضطرار لا يحل تطبيقها إلا عند تناقض النقل والعقل، بحيث لا يكون هناك سبيل إلى التوفيق إلا بالتأويل، وهذا الشرط مفقود في هذه المسألة لثبوت حكمة أخلاقية لختان الأنثى، وثبوت مراعاة الدين لوظيفة الزائدة المختونة بنهيه عن الإنهاك عند الختان. من أجل هذا قلت لو انعقد الإجماع ما تغير الحكم، لأن الخلاف هنا خلاف رأي لا خلاف واقع، ولم يقل أحد بتأويل النص من أجل الرأي كائناً ما يكون، وقد أشرت إلى هذا