أقام اتحاد التعليم الحر يوم الخميس الماضي، حفلة تكريم للدكتور طه حسين بك في دار الاتحاد النسائي لمناسبة عودته من أوربا. وقد بدأت الحفلة بكتاب من معالي الأستاذ محمد العشماوي باشا وزير المعارف ألقاها الأستاذ محمد سعيد العريان، وقد تضمن هذا الكتاب الكريم تقدير معالي الوزير للدكتور طه، إذ قال فيه بعد التعبير عن الأسف لعدم المشاركة في الاحتفال: أنه كان يود الحضور للتنويه بفضل أديب العربية الأولى والاعتراف بما أسداه للأدب والفن، وما أداه لقضية التعليم، وما أفادت الأمة العربية من آثار سفراته العلمية الموفقة في بلاد العلم والحضارة، بما نشر في المجامع العلمية من مباحث، وما أذاع من محاضرات، وما ترجم من آثار، وما أثر عنه من أحاديث.
وقد أجمل معالي وزير المعارف بتلك الكلمات، الأسباب الداعية إلى تكريم الدكتور طه بك. وقد دعوت الأدباء في كلمة سابقة إلى الاحتفاء بعميد الأدباء بعد أن بسطت القول في دواعي هذا الاحتفال، والواقع أن الرجل لا يوفى حقه أي تكريم، لأنه لا يعطي نفسه قدر ما يعطي هذه البلاد، فهو في الداخل محاميها المدافع عن حق أبنائها في التعليم، وهو في الخارج سفير بلا مرتب وداعية ينفق من ماله، على حين نرى عشرات المندوبين توفدهم الدولة إلى المؤتمرات لعلمية، وتكلف خزانتها نفقاتهم، ثم لا نحس أثر لهذه الرحلات والنزهات في غير الصحة الجيدة التي يتمتع بها العضو الكريم. . .
حقا إن الرجل لا يفي بحقه أي تكريم، ولكني لا أخال حفلاً يقيمه الأدباء إلا نافعاً من حيث ما يتوقع أن يقدم فيه من دراسات وألوان رائقة من الأدب والفن. وقد رأينا المشاعر المتدفقة وفاء في حفلة رجال التعليم الحر، رأينها في الجهد على قدر المستطاع، وهو جهد بذل على اصدق في النية أكثر مما يدل على شيء آخر. ولا أستطيع أن أغفل الحديث عن القصيدة الممتعة التي ألقاها الشاعر الإسكندري الأستاذ محمد فضل إسماعيل، فقد خرج فيها عن قوالب المدح المعادة إلى حديث الأديب إلى الأديب، والتعبير الظريف عن الخواطر السرية.