وعاد بجثة هكتور ليجد أمه ما تزال تسقي بتروكلوس خمراً! وما تزال تدفع عن القتيل المسجى فوق سرير الموت أسراب الذباب! وما تزال تذرف الدموع الغوالي!
ويهرول زعيم الميرميدون، ويهرول معه جنوده حول جثة صديقه ثلاثاً، ثم يقف فوق الرأس المتشح بجلال الفناء. ويقول:(السلام عليك يا بتروكلوس فلقد ثأرت لك! السلام عليك فأنت خيرٌ حياةً من كثيرين ممن ينعمون بالحياة، وإن تكن تسبح في لا نهاية هيدز!
هاك غريمك هكتور سأتركه جزر السباع وكواسر الطير، وسأضحي لك باثني عشر من خير شباب اليوم. . . . أذبحهم عند قدميك بيدي!
(إبكوا بتروكلوس يا رفاق!. . . .)
فيبكي الميرميدون على بطل أبطالهم، ويعولون حتى تخفق السماء بأناتهم، وتضطرب الأرض بزفراتهم، ويمتلئ الهواء من حولهم أسى وشجوناً!
ويقبل الهيلانيون من كل فج يهنئون ويعزون: يهنئون بقتل هكتور، ويعزون، ويا حرّ ما عزوا، في بتروكلوس!
ويمتلئ بهم شاطئ الهلسبنت؛ ويأمر أخيل رجاله فيؤتى بالشاء والظباء، وبكل عجلٍ جسدٍ وخنزير سمين؛ وتؤجج النيران، ويسطع الشواء حتى ينضج، وتكون وليمة يقبل عليها القوم أيما إقبال. . . إلا أخيل. . . المنعكف وحده يذرف الدموع على بتروكلوس. . .
وأمر أجاممنون بماء ساخن يغسل به أخيل ما عليه من نضخ الدم وغبار المعركة، ولكن أخيل يأبى إلا أن يظل النضخ ويبقي الغبار حتى يتم تحريق بتروكلوس، وحتى تنتهي المراسيم الدينية التي تقتضيها السماء. . . ويفرضها بلوتو على موتاه!