للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الساعات العربية]

بقلم السيد أحمد دهمان

لما شعر الأقدمون بحاجتهم الماسة إلى معرفة الأوقات، اهتدوا بعد التأمل والتفكير إلى اختراع الساعة الرملي، وهي ساعة بسيطة التركيب، تتركب من قارورتين قد ألصقت فوهة إحداهما بفوهة الأخرى بواسطة الشمع، وملئت العليا رملاً، فينزل الرمل بالتدريج إلى السفلى من ممر بينهما صنع بنسبة مقدرة، وتقلب الساعة عندما تفرغ العليا من الرمل، وهكذا دواليك

فإذا أرادوا معرفة الوقت نظروا إلى مقدار الرمل الباقي في العليا، أو إلى مقدار ما نزل منه إلى السفلى

ولبثت هذه الساعة شائعة الاستعمال عند بعض قرويي دمشق حتى قبيل الحرب العامة. وقد أدركنا أحد الشيوخ المسنين يصنعها ويبيعها في حانوت له خارج باب دمشق الغربي (في سوق المسكية)

أما الساعة المائية التي شاعت عن الكلدان والهنود فهي كالساعة الرملية، بإبدال الرمل بالماء، وكانت أقل دقة منها، لأن اختلاف الجو برداً وقيظاً كان ينقص مقدار الماء

وكان ألفرد الكبير عاهل الإنكليز يأمر باتخاذ شمع طول الواحدة منها اثنتا عشرة إصبعاً، مقسمة بعلامات خاصة إلى أربعة وعشرين قسما، عدد ساعات الليل والنهار، وكانت توقد ليلاً ونهاراً، ويجعل أمامها جسم شفاف وقاية لها من الريح

أما العرب فقد تفننوا في صنع الساعات مستندين إلى فن الهندسة، واخترعوا لها آلات عجيبة أصبحت فيما بعد أساساً للساعات التي نراها اليوم

وقد بدأ شيوع استعمال الساعات في البلاد العربية منذ القرن السادس للهجرة وبقي حتى الثامن، فكان في مراكش وتلمسان والأندلس ومصر وبغداد ودمشق عدة ساعات تنصب في الأماكن العامة لمعرفة الأوقات، وسنأتي على ذكرها مفصلاً

مهندسو الساعات

اشتهر في تلك العصور كثير من المهندسين العرب الذين تخصصوا في صنع الساعات، وكانوا يديرون آلاتها بواسطة الماء إلى أن جاء ابن الشاطر المهندس الدمشقي فسعى في

<<  <  ج:
ص:  >  >>