ترقيتها وتوصل لجعلها صغيرة الحجم بالنسبة لغيرها من الساعات، وأصبحت تعلق على الجدران ولا تحتاج آلاتها إلى الماء، فكانت أقرب ما تكون إلى الساعات المستعملة اليوم. واليك تراجم أشهر من اشتغل بصنع الساعات:
محمد رستم الساعاتي - أصله من خرسان قدم دمشق وأقام بها، وكان أوحد أهل زمانه في علم الفلك وصنع الساعات. قال ابن أبي أصيبعة: وهو الذي صنع الساعات التي عند باب الجامع بدمشق، صنعها في زمن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، وكان له الإنعام الكثير والجامكية والجراية لملازمته صنع الساعات إلى أن توفي - ولم يذكر سنة وفاته
أبو عبد الله بن القيراني - هو محمد بن نصر بن صُعيَر، ولد بعكا سنة ٤٨٧ أديب شاعر، كان بينه وبين ابن منير الشاعر الطرابلسي المشهور مكاتبات وأجوبة ومهاجاة، ومع ذلك فقد كان بارعاً في العلوم الرياضية من حساب وفلك وهندسة، تولى إدارة الساعات بدمشق، ثم رحل إلى حلب، ثم رجع إلى دمشق وتوفي بها في ١١ شعبان سنة ٥٤٨
محمد بن عبد الكريم الحارثي - لقبه مؤيد الدين، وكنيته أبو الفضل، كان معروفاً بالمهندس، ولد ونشأ بدمشق، وكانت حياته نادرة من نوادر الدهر تجلى فيها النبوغ الشرقي، فقد كان في أول أمره نحاتاً ينحت الحجارة، ثم صار نجاراً فبرّز على النجارين في حسن الصنعة؛ وأبواب البيمارستان النوري بدمشق من صنعه؛ ثم تعلم الهندسة لتزداد براعته في النجارة، وقد وصف المدرسة التي تعلم فيها الهندسة بقوله:(كنت أشتغل في مسجد خاتون الذي تحت المنيبع غربي دمشق، وكنت لا أصل إلى المسجد إلا وقد حفظت شيئاً من كتاب أقليدس وحللت بعضاً من مسائله إلى أن أتممته حفظاً وفهماً)، ثم قرأ المجسطي وحلّ مسائله أيضاً، وانصرف إلى الهندسة انصرافاً تاماً، حتى اشتهر بعد ذلك بالمهندس
وقدم دمشق الشرف الطوسي وكان إماماً في العلوم الرياضية فقرأ عليه ما نقصه من الحساب والهندسة والفلك
وقرأ بعد ذلك علم الطبي على أبي المجد محمد بن أبي الحكم، إلى أن برع فيه، وتعين طبيباً في البيمارستان النوري، مهندساً لساعات المسجد الأموي وكان يتقاضى مخصصات منهما