١٦ - ص٣١ يقول ابن قتيبة:(وقد فضح الله بالشراب أقواماً من الأشراف فحدوا، ودونت في الكتب أخبارهم ولحقت بتلك السبة أعقابهم، منهم الوليد بن عقبة، شهد عليه أهل الكوفة بشرب الخمر، وأنه صلى بهم الغداة وهو سكران وقال: أزيدكم يشهد الله بذلك، وبمنادمه أبي زبيد الشاعر - وكان نصرانياً - فحده هناك عمرو بن العاص سراً، فلما قدم على عمر رضي الله عنه جلده حداً آخر).
وهذا نص مضطرب أشد الاضطراب؛ يشوه وجه الحق والتاريخ معاً. فإن الوليد بن عقبة لم يكن والياً للكوفة في عهد عمر، وإنما وليها في عهد عثمان بن عفان؛ ولم يذهب عمرو بن العاص إلى الكوفة ليحده هناك، ولم يحد الوليد في الكوفة وإنما حد في المدينة، ولم يشترك عمرو بن العاص في حده بسبب من الأسباب. والذي حده عمرو في مصر سراً وأعاد عليه عمر بن الخطاب، كما ذكر المؤرخون، وكما ذكر ابن قتيبة نفسه في هذا الموضع من كتاب الأشربة. وقد ضلت تلك الحقائق التاريخية عن ذهن كرد علي. ولو وجد ريحها لأحس أن في الكلام سقطاً لا يستقيم معناه إلا بذكره. وهو كما جاء في العقد نقلا عن ابن قتيبة: (. . . وأنه صلى بهم الغداة وهو سكران ثم التفت إليهم فقال: إن شئت زدتكم. فجلده عليّ بن أبي طالب بين يدي عثمان وكان نديمه أبو زبيد الطائي، وفيه يقول الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه ... أن الوليد أحق بالعذر
نادى وقد تمت صلاتهم ... ليزيدهم خيراً ولا يدري
ليزيدهم خيراً ولو قبلوا ... لجمعت بين الشفع والوتر
كبحوا جماحك إذ جريت ولو ... تركوا عنانك لم تزل تجري
ومنهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب شرب بمصر فحده هناك عمرو بن العاص سراً. فلما