للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ماكس إشترنر]

فيلسوف الأنانية

١٨٠٦ - ١٨٥٦م

للدكتور جواد علي

ولم لا تكون للأنانية فلسفة وفلاسفة، والأنانية من أهم الغرائز التي لعبت دوراً هاماً في حياة البشرية؟ لعبت دورها في حياة الأفراد كما لعبت دورها في حياة الأمم. وليس بعجيب أن أصبحت (الأنانية) موضوعاً هاماً من موضوعات الفلسفة، وهدفاً أو مثلاً أعلى لبعض المذاهب الفلسفية، بل محور فلسفتها تدور حولها جميع أبحاثها كالذي يلاحظ عند (الأبيقوريين) أو عند كثير من فلاسفة القرن الثامن عشر وبعض فلاسفة الإنكليز أمثال فرنسيس هيتجسون ١٦٩٤ - ١٧٤٦)، ويرميا بنتام - ١٨٣٢)، وجون ستيوارت ميل ١٨٠٦ - ١٨٧٣) وغيرهم

غير أن كاسبر شميد، أو ماكس إشترنر كما كان يلقبه إخوانه التلاميذ في المدرسة لعلو جبهته واتساعها، كان قد جاوز حدود هيام هؤلاء بالأنانية وتفانيهم فيها وضرب رقمهم القياسي بأضعاف. أعلن للناس أنه صب بالأنانية مغرم، وأنه جاء إليهم برسالة جديدة وديانة جديدة: هي ديانة الأنانية ومحبة الذات. . . ديانة قويمة فوق كل الديانات. إنها السعادة الأبدية للجماعات والأفراد؛ وإنها مفتاح اللذة؛ وإنها الطريقة المثلى للوصول إلى الكمال الإنساني وما يتمناه كل فرد من هذه الحياة. هي طلسم السعادة والكبريت الأحمر الذي أفنى الحكماء أنفسهم عبثاً للوصول إليه، وكيمياء الحياة

مفتاح هذا العالم في نظرية ماكس إشترنر كلمة (أنا)؛ ولكن كلمة (أنا) هذه لا تدل على معنى مجرد، بل على شخصية معينة؛ بواسطة هذه الشخصية عرف الكون والوجود. كل ما في الكون هو (أنا) وما عداي وهم وخيال. أنا خلقت الأسماء، وأنا خلقت المصطلحات، وأنا الذي وضعت تلك التعابير التي لا وجود لها في الحقيقة. وأنا الذي سجنت نفسي بيدي. خلقت تلك المعايير الأخلاقية والمقاييس الأدبية فقلت: شرف ووطنية وإنسانية وديانة

<<  <  ج:
ص:  >  >>