[أمام المشنقة]
(على لسان أحد الشبان المحكوم عليهم بالشنق لجريمة أتاها)
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
قسا عليّ الفلكُ ... بعد قليلٍ أهلكُ
ما باختياري في شبا ... بي للحياة أترك
أين مضت صحابتي ... وايَّةً قد سلكوا
مَن ذا إذا متُّ سَيَبْ ... كيني ومَن ذا يضحك
قد نصبوا لي شركا ... فما عداني الشرك
ما بال شمسي أخذت ... عند الشروق تَدْلك
قد استوى ضوء الضحى ... في أعيني والحلَك
لم أجْنِ لو كانت يدُ ال ... مقدور لا تشترك
بالدم قد خضَّب كفّ ... ي القدَرُ المُحَرِّك
قد أفرحَ النُظَّارَ بي ... أنَّ دمي ينسفك
ازدحموا حولي ولِلْ ... أنفاس منهم أمسكوا
ليبصروا كيف حيا ... تي حبلُها ينبتك
ما هي إلاَّ رجفةٌ ... وبعدها لا أحرك
أفي قلوبهم عليّ ... عند موتي حَسَك
إنيَ إنسانٌ له ... أخطاؤه لا مَلَك
كم ليَ من مثل لو أنّ (م) ... سرّه ينهتك
خذوا حياتي إنها ... أثمنُ ما أمتلك
لا تحبسوا الرحمة عمَّ ... ن قد قضوا أو أوشكوا
ولو تجسّم الأسى ... لكان دمعاً يُسفَك
كل البقاع للحيا ... ة فوقها مُعَتَرك
أمَّا الحياة فهي إن ... وَلّت فلا تُستَدرك
والموتُ بالإنسان إلاَّ ... مرّةً لا يفتك