للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رحلة إلى الحجاز]

للشيخ مصطفى البكري الصديقي

للأستاذ سامح الخالدي

- ٣ -

أذية الأعراب للحج:

ولما مال تبان الليل، وزاد في الشوق الكيل، تلقانا الفقراء من أهلها مبشرين بإسعاد وطول ذيل، قائلين وقد نما الليل، مسفرة يا حجاج والليالي سعود، فما أحلاها من بشارة تقود الفؤاد المفؤود إلى نسيان أتعاب للالتهاب تذود، وكان حصل من العرب بل الأعراب، بعض أذية للحج أوجبت ضياع أسباب، وبهؤلاء الخدام زال الإعدام، وجاء الإيسار والبسط التام، وعندما قاربنا المنازل المنورة، التي جلت أن تكفيها مصورة، طربت وحق الطرب، بالوصول إلى المقر الأقرب، وصبحني إخوان لهم اتصال أحب، وخلان لهم ود عن السر أعرب، ولفرط اندهاشي بمن أنا قادم عليهم من أسلاف، غبت عني كأني شربت صرف السلاف، وأنست في سرى أنسا، أنساني نفسي، وخيل لي أني انفردت عن أبناء جنسي، وأن خدام الأسلاف والجدود تلقوني رافعي البنود، فعظمت لدى ذاتي، بوافر سافر لذاتي، وامتدت الأعناق وطالت، وبهذا التلاق مالت، وأخبر بعض من بعض من كان معي، ومنهم الحاج حسن (بن مقلد الجيوسي) أن الجسم كبر وطال، في تلك الساعة وذلك الحال، وصادقة الغير، ولم أشعر بهذا المير.

الشيخ يبدأ بالزيارة:

ودخلت من باب جبريل للزيارة، وبلغ الطفل المتطفل على سادته الاماجد بها أوطاره، شرف القلب وشرق الجفن بدمعه وغرق. وزرت الحبيب بدمع صبيب، (ومن زار مرقده، وجبت له الشفاعة) كما رواه البيهقي وأبن عدي في الكامل. وعنه صلى الله عليه وسلم (من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زارني لا يهمه إلا زيارتي كان حقا على الله أن أكون له شفيعاً يوم القيامة) و (من لم يزر قبري فقد جفاني) وعنه صلى الله عليه وسلم (من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة).

<<  <  ج:
ص:  >  >>