(وأتيت الروضة وصليت ركعتي التحية، أعددتهما من المنة لحديث (ما بين بيتي ومنبري وروضة من رياض الجنة) وروى البيهقي من حديث جابر أنه قال (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام في ما سواه إلا المسجد الحرام، وشهور رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان في ما سواه إلا المسجد الحرام).
(ثم نهضت ثانية لزيارة المرقد العظيم، مواجها للوجه الكريم، قائما بين يديه، مكثرا من الصلاة والتسليم عليه، وقرأت في المقابلة آخر براءة وآية (ولو أنهم ظلموا أنفسهم الآية) وكررت طلب الشفاعة، وعممت الدعة لحاضر وخاطر بالبال من أولاد وعيال وإخوان، ألحقت سائر الأمة الحميدة.
(وبعد أداء ما يلزم في هذا المقام، توجهت لدار قرب باب السلام، استأجرتها للنزول فيها، كيما مواطن الوحي يصافيها، وفي ثاني يوم في الصباح قصدت سكان البقيع، وبعد زيارة سيدي عثمان، عطفت على زيارة أغلب المشاهد، وعنه (يا أم قيس أترين هذه المقبرة، يبعث الله منها سبعين ألفا يوم القيامة على صورة القمر ليلة البدر). وكريت على زيارة سيدي العباس عم سيد الناس، وأخيه سيدي حمزة.
(وفي اليوم الثالث من هذا المقر المدني، بعد أداء فرض العصر، ودعنا الحبيب الأعظم، وأنشدت في السر قول أبن عباد:
فارقت طيبة مشغوفا بطيبتها ... وجئت مكة في وجد وفي ألم
لكني سررت بأني عند فرقتها ... ما سرت من حرم إلا إلى حرم
وبتنا على الأبيار، وأولجنا إلى القبور الشهدا الأخيار، ومنها إلى (الجديدة) التي لصوصها غير مؤيدة، وعرب وحرب، من لهم المعرفة في الحرب، هم حيات تلك الأرض، وحياتها في طولها والعرض، فلو قطع دابر أعيانهم، لخف فرط هيجانهم، ولله تعالى خفي مراد، فيما قدر وأراد، فإن شرهم الآن في زيادة، نمت على العادة، يريدون بوفد الله أمراً. ويأبى الله إلا ما أراده وسرينا إلى (حنين) و (بدر). ووفد للسلام المحب الفالح السيد محمد صالح نجل العالم المفرد الشيخ محمد الخليلي، وفي (رابغ) أحرمنا وفي (قدية) لم نطل الإقامة، ونزلنا (عسفان) والحر آذى الوجوه البسامة، ومن أوقعته في حبالها وأرضعته ثدي خبالها،