للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صديقنا الأواه، الشيخ نور الله، وفي فم وادي فاطمة، دفن وأمواج الهم متلاطمة، وهنيئا له كل حين فإنه يبعث في الآمنين لحديث (من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة) فإن قالت الوادي ليس من الحرم، قلت ما قارب الشيء أعطى حكمه، وقد دفن فيه على يمين الوادي بالنسبة للغادي. وما أحسن قول المحيوي مروي الصادي:

عرج ففي أيمن الوادي خيامهم ... لله درك ما تحويه يا وادي

ودخانا مكة المشرفة عقب العشاء، وزرنا أهل باب المعلا، ونزلنا دارا للشريف يحيى بن بركات فحصلت لنا بها مسرات وبركات، وبعد إتمام الزيارة، ورفع مسدول الستارة، والفوز بمشاهدة البيت المعظم، والحوز على طواف القدوم، عدنا لصلاة الجمعة، ولما أذن المغرب سرنا إلى المعرف المطرب، ووصلنا انتصاف الليل، والحاج يسيل إليه كالسيل، ونزلنا لصاق خيام، كبيرة ودائرة وإحرام، وبعد الوقوف في صفوف، أهل الشفوف، والتمتع بمعروف ذلك اليوم المعروف، وما قلق القلب الطروب، فيه إلا وقت الغروب لأنها كانت ساعة جماعة، لقلوب أعيان للأكابر لساعة، تفتق الجيوب وترتق فتق الغيوب، تطهر من العيوب. وفي الحديث (لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا لاستبشروا بالفضل من ربهم بعد المغفرة) وبعد أن جمعنا جمع التقديم، وحصل للمؤخر همع جمع التقديم، وقفنا الأرواح على المواصلة، لما وقفنا لاستقبال الإمدادات الحاصلة، وأكثرنا من التلبية والدعاء، عاملين بحديث (من أصبح يلبي غابت الشمس بذنوبه) وعنه (ص) (إذا كان عيشة عرفة لم يبق أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان إلا غفر له) قيل يا رسول الله أهل عرفة خاصة، قال بل للناس عامة. ودخل الليل، وختمنا الموقف بدعوات عامة، وهب صبا الرضا والقبول أقمنا في (المزدلفة) إلى مضي زلف من الليل لا زلفة، وحين اعتدل ميزان الليل، شمرنا الذيل، وفي (منى) بعد رمي الجمار دخلنا مكة المكرمة قبل الغروب، واجتمعنا بمكن معنا في دار الشريف، وأتيت البيت المعظم لطواف الإفاضة، وتضلعت من كاسات زمزم. ولم ادع النزول إلى حرم الحصول، إلا من شدة وهج يؤذي المهج، أو غلبة نوم، وكان جاءني محب ملهوف بأخذ الإجازة، فأجزته وأهديته نسخة من ورد السحر المعروف، فتوقف في بعض من محلات منه تنوف على الخمس، فأريته الشرح الكبير، المسمى (بالضيا الشمسي على الفتح القدسي) فزالت الإشكالات، وقرأ إخوان من جماعتنا الورد

<<  <  ج:
ص:  >  >>