المذكور في الحرم الشريف، وكنت أطوف على البيت الموصوف بالجمال، ونجلس في المواجهة في أول الصفوف، ونسمع نغمات الطائفين من سائر الصنوف. وقد أغرب إذ أعرب الفاروقي مجدد ما بعد سابع الألوف، فجعل الكعبة زادها الله شرفا على غيره ينوف.
مدرسان من الحرم يطلبان إجازة من الشيخ البكري:
(وجاءني رجلان من أهل التمكين والعيان، وعرف كل واحد الآخر أنه من مدرسي الحرم المصان، وطلبا إجازة في حديث الأولية فأسمعتهما الحديث الشريف، وسأل أحدهما وهو المدعو بالشيخ محمد التكروري، عن الأسماء الأهلية، فأشر للأخ الأمجد الشيخ أحمد الموقت، فتكلم معه، فعرف أنه عارف نوري. ثم قال للفقير بلغنا أنكم تطالعون الفتوحات المكية فهل يمكنكم شرحها حرفا حرفا؟ فبدت الناجذ استعجابا من كلامه، وقلت له لو حاولت فهم ظاهر ألفاظ الخطبة لأعجزتني قطفا، فكيف ببحرها الذخار، فقال فيكم بركة. ثم ودع ورفيقه وسار، فسألت عنهما فأخبرت أنهما من أكابر المدرسين الآن. واخبرني السيد محمد التفلاتي أحد الأعيان في السفرة الثانية للروم بما قدمته فتحققت أنه وحيد زمانه. وقلت للمذكور عن سؤاله الثاني، فقال ما سألك إلا وهي متحقق أنه يمكنك من حيث الفضل الرباني.
(وأخبرت عن رجل مغربي مواطن، في الحرم الشريف قاطن، مراده الحج والعودة للبلاد، يدعى الشيخ إبراهيم من نسل سيدي عبد السلام بن مشيش صاحب الصلوات، وحدثني مادحه أن المشار إليه ما نزل المدية أقبلت أهلها عليه، وانقادت له أكابرها لما السيد قبله، وسعت إليه على الآماق إذ بجواره أنزله، وقال إنه إذا جاء للمواجهة، لا يدري بمن حاذاه وبمن واجهه، وما في المدينة المنورة بيت إلا وقد أتقد مصباحه دون زيت، فسرت لزيارته مع الصادح راغبا في دعوة صالحة، ونظرة مخصوصة تجعل النفس للقرب صالحة، وصحبني الأخ النبيل الشيخ أحمد فرأيته في جهة باب السلام مستقبلا بيت السلام، فبادرته السلام، فسر السرور التام، ولم نطل الإقامة لئلا نشغله عن طلبه، وطلبنا منه قراءة الفاتحة، والسؤال لنا من ربه، حال مواجهة بيت ربه. وطفت طواف الوداع، وطفت الدموع على الخدين تذاع.