انتظمت في سلك عصبة الأمم دولة شرقية جديدة هي أفغانستان، وكان قبولها في العصبة بإجماع الآراء تقريباً، ولم يبق خارج العصبة من أمم الشرق الأدنى والأوسط بعد دخول تركيا وأفغانستان سوى مصر وسوريا والمملكة السعودية واليمن. ولعلائق الأمم الشرقية بعصبة الأمم وموقفها منها تاريخ خاص، يصح أن نستعرضه بهذه المناسبة. وقد بدأت هذه العلائق منذ مولد العصبة ذاتها، وكانت العصبة يومئذ إحدى نفثات ذلك الإنجيل الجديد الذي بشر به توماس ودرو ولسون أعظم ذهن هائم في التاريخ المعاصر، والذي انهارت مبادئه ووعوده في فرساي مهد تطبيقه. كان إنجيل الصلح بين الأمم المتحاربة على قواعد التسامح والعدالة، وإنجيل السلام والتفاهم، وإنجيل الحريات الدولية والاعتراف بحقوق الشعوب في تقرير مصايرها، فاستحال في فرساي، وفي نصوص معاهدة الصلح، إلى بركان من الشهوات القوية، ومزقت باسمه شعوب، وأرهقت أخرى، ومنحت الحرية لشعوب، وسلبت أخرى حرياتها، وفرضت عليها العبودية بأسماء وصور جديدة. وكان المفروض أن عصبة الأمم ستغدو عصبة دولية إنسانية تجمع الأمم على احترام السلام والمثل الإنسانية الخالدة، ولكنها جاءت منذ مولدها نفثة من تلك الروح التي أملت معاهد الصلح؛ روح الظفر والأثرة؛ وكان موقفها من الأمم الشرقية بالأخص مناقضاً لجميع العهود التي قطعت، والمبادئ التي قررت.
كانت اليابان والصين والهند وسيام والحجاز هي الأمم الشرقية التي وقعت على ميثاق عصبة الأمم ومعاهدة الصلح (وميثاق العصبة هو القسم الأول من المعاهدة) منذ وضعهما في يونيه سنة ١٩١٩، وبذلك غدت أعضاء في العصبة منذ إنشائها، وقد أبى الوفد الصيني أن يوقع معاهدة الصلح احتجاجاً على بعض نصوصها التي تمنح الانتداب لليابان على بعض الأراضي الصينية التي كانت بيد ألمانيا، ولكن الصين اعتبرت عضواً في العصبة لأنها وافقت على الميثاق. أما الحجاز فقد كانت يومئذ هي المملكة العربية الجديدة التي أنشأها الإنكليز للحسين بن علي، والتي انهارت قبل أعوام قلائل. وكانت فارس من الأمم