للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في النظم الإسلامية]

من تنظيمات الإحسان

للأستاذ لبيب السعيد

لا تزال الخدمة الاجتماعية فقيرة إلى دراسة إسلامية متخصصة تشارك في نهج قواعد هذا الفن وتقرير أساليبه، وترفد تاريخه بأغنى الروافد وأعذبها.

وهذه الدراسة التي ننشدها والتي نرى أنها تقوم على التنقيب الصابر والجمع البصير، ثم التحقيق الواعي والدرس الدقيق، حرية أن يجرد لها المسئولون في معاهد الخدمة الاجتماعية عندنا وفي جامعاتنا كتيبة من الباحثين لهم بصر بالإسلام وقدرة علمية على سير تاريخه وفقهه وأدبه وسير أعلامه. ولقد بلونا أغلب أساتذة الخدمة الاجتماعية في مصر يعجزون عن التحرر من الاتجاهات الغربية في تفكيرهم بل في تعبيرهم، فحري بالكتيبة المرجوة أن يكون لأفرادها من الاستعداد والاجتهاد والإخلاص الأمين للمعرفة ما يكفيهم هذا العجز.

ولعل من أمثلة الإهمال الغليظ الذي يشهده المتصلون بدراسات الخدمة الاجتماعية في مصر أن هذه الدراسات حين تتناول تنظيم الإحسان تسكت عن خطة الإسلام في هذا الشأن سكوت الجاهل، أو تذكر - وقلما تذكر - وسلا من ميحط، بينما تفيض أيما إفاضة في النظم الأوربية. والأمريكية: فهي تتحدث مثلا عن إرشادات سنة ١٥٢٩ في همبرج التي صدرت للمشرفين المحليين ليتعرفوا أحوال الفقراء ويتيحوا العمل لمستحقيه ويقرضوا المعوزين قرضا حسنا ويساعدوا المريض؛ أو عن أوامر شارل الخامس سنة ١٥٤١ بجمع الإعانات في الأراضي المنخفضة وتوزيعها على الفقراء وتعليم اليتامى وتشغيلهم ومساعدة الكسالى والمشردين، أو تسترسل في الحديث عن قوانين الفقر الإنكليزية التي صدرت في القرن السادس عشر؛ أو تردد الكلام عن نظام المزارع الريفية الأمريكية التي تضم الفقراء وضعاف العقول والسكيرين. . . إلى آخر هذه النظم.

والحق أن المسلمين سبقوا إلى تنظيم الإحسان على نحو لا تكاد النظم الغربية تستشرف إلى سمو مكانته. فالصدقات - وهي في الإسلام المصدر الأول للإحسان، والركن الثالث من الأركان التي بنى عليها الدين - تكرر في الصحاح أن النبي أوفد من رجاله من

<<  <  ج:
ص:  >  >>