للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يجمعونها. والأخبار على إن الخلفاء بعده عينوا الموظفين لجمعها، وأنه في مختلف العصور كان لجبايتها عمال متخصصون يدخل فيهم الساعي والكاتب والقاسم والحاشر الذي يجمع الأموال وحافظ المال والعريف. . ولقد أقترح (أبو يوسف) على (هارون الرشيد) تعيين موظف خاص للصدقات في جميع البلدان. يقول أبو يوسف للرشيد: (ومره ليوجه فيها أقواماً يرتضيهم ويسأل عن مذاهبهم وطرائقهم وأماناتهم يجمعون إليه صدقات البلدان).

أما توزيع الإحسان، فكان مخصصا له أيضا موظفون ودواوين، وهذا دليل على أنه كان إجراء له ترتيب مقدور له صفة النظام والدوام.

جاء في تضاعيف أحد الأخبار إن (المنصور) ولى عامله بالبصرة الإجراء على القواعد من النساء اللواتي لا أزواج لهن وعلى العميان والأيتام. ويذكر (الطبري) عن الخليفة (المهدي) أنه أمر في سنة ١٦٣ أن يجري على المجذمين وغيرهم. كما يذكر (المقدسي) عن نفس الخليفة أنه أجرى على العميان والمجذومين والضعفى.

وكذلك يذكر (الجهشياري) عن (الرشيد) أنه أمر بإجراء القمح على أهل الحرمين وغيرهم ممن ذكرهم تفصيلا ويروى (أبن مسكوبه) في كتابه (تجارب الأمم وتعاقب الأمم) في ذكر ما دبره (علي بن عيسى) في وزارته سنة ٣١٥ وما جرى في أيامه أنه قلد رجالاً سماهم دواوين متعددة منهم (أبو أحمد عبد الوهاب بن الحسن) الذي تولى (ديوان البر والصدقات). (وطاهر أبن الحسين) في المنهج الشهير الذي رسمه لولده (عبد الله) حين استعمله (المأمون) على (الرقة)، يدعو ولده إلى (تعاهد أهل البيوتات ممن دخلت عليهم الحاجة فيحتمل مؤنهم ويصلح حالهم حتى لا يجدوا لخلتهم مسا)، ويقول له: (وتعاهد ذوي البأساء وأيتامهم وأراملهم، واجعل لهم أرزاقا من بيت المال اقتداء بأمير المؤمنين (يريد المأمون) في العطف عليهم والصلة لهم ليصلح الله بذلك عيشهم ويرزقك به بركة وزيادة). ويروى (أبن خلكان) أن (أبن الفرات) كان يعطي الفقهاء والعلماء والفقراء وأهل البيوتات أكثرهم مائة دينار في الشهر واقلهم خمسة دراهم وما بين ذلك.

والإسلام - قبل النظم الحديثة - يكره أن يغري الإحسان غير المحتاجين بالتكفف والاعتماد على عطف المحسنين وبصرفهم عن طلب الرزق، فهو يحب للناس أن يستغنوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>