للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالعمل عن لحاجة الملجئة للسؤال. يقول النبي (ص) (اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة). وهو ينهى عن المسألة الملحفة: (لا تلحفوا في السؤال، فو الله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته).

بل هو يخوف من المضي في السؤال: (لا تزال المسالة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم).

والإسلام، مع بليغ رفقة بالمحاويج يحرم سؤال التكثر ويشدد النكير والمؤاخذة على محترفيه، فالرسول (ص) يقول: من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر) وإنه ليتحدث عن آخذ الصدفة بغير حق فيقول إنه (كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيداً عليه يوم القيامة).

ومن مصاديق هذه النظرة الإسلامية أن الرسول نفسه يترفع بأسرته وأقربائه عن التدلي إلى مستوى قابلي الصدقات، فهو يحرم عليهم الصدقة ولا يجعلهم في صف ذوى الفاقة؛ يقول (إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس). وقد أخذ سبطه الحسن بن علي من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي: كخ كخ، ليطرحها ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة؟ بل إنه ليحرم الصدقة على موالي آله، ولو كان الأخذ على جهة العمالة. والمسلمون يتأثرون النبي ويقتدون به، فيرون التعالي عن الصدقة واجبا محتوما على المستغنى: شرب عمر بن الخطاب لبناً فأعجبه، فسأل الذي سقاه: من أين هذا اللبن؟ فاخبره أنه ورد على ماء قد سماه (فإذا نعم من نعم الصدقة وهم يسقون فجعلوا لي من ألبانها، فجعلته في سقائي، فهو هذا) فأدخل عمر في يده فاستقاءه.

والإسلام في إبائه أن تتسرب الصدقات لغير المستحق يعين مصاريفها، بحيث يفيد منها الفرد والجماعة والدولة والدين. (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤتفكة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وأبن السبيل). ويقول النبي في شأن تعيين هذه المصارف: (إن الله تعالى لم يرض في قسمة الأموال بملك مقرب ولا نبي مرسل حتى تولى قسمتها بنفسه).

ويحبب الإسلام في العمل المنتج مهما يكن شأنه ضئيلاً، ليس فحسب ليعول المرء نفسه في

<<  <  ج:
ص:  >  >>