للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ظل الكرامة والاستقلال ولا يكون كلا على الدخل القومي ولا يدخل على المسؤول ضيقا في ماله، ولكن أيضاً ليسهم في التقدم الاجتماعي للأمة ويحرز شرف التصدق (لأن يغدو أحدكم فيحطب على ظهره فيتصدق ويستغني به عن الناس خير له من أن يسأل رجلاً أعطاه أو منعه).

ومن جميل ما أشارت إليه السنة أن الأنبياء مع علو درجتهم كانت لهم حرف يكسبون منها الحلال الخالي عن المنة، فآدم أحترف الزراعة، ونوح التجارة، وداود الحدادة، وموسى الكتابة كان يكتب التوراة بيده، وكل منهم قد رعى الغنم.

ويجعل الرسول عدم السؤال أمراً يطلب إلى المسلمين مبايعته عليه: حدث عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: ألا تبايعون رسول الله؟ وكنا حديث عهد ببيعته، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً والصلوات الخمس وتطيعوا - وأسر كلمة خفية - ولا تسألوا الناس شيئاً، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحد يناوله إياه.

والإسلام حريص عل كل الناس ألا يتعطلوا، ولذلك يتيح لمن لا مال لهم التعاقد مع أرباب الأموال الذي يعجزون عن تثميرها على تولي التثمير بشرائط خاصة تحقق نفع الطرفين كليهما. فالفقه الإسلامي يبسط أحكام المضاربة، وهي شركة في الربح يكون المال فيها من جانب والعمل من جانب آخر، والمزارعة وهي شركة في إنتاج الأرض من بين صاحب الأرض والعامل، والمساقات وهي شركة في الثمر بين صاحب الشجر والعامل. كما يضع الفقه الإسلامي أحكام الإجارة وهي عقد تمليك المنافع أو هي بيع المنافع.

وتنشيطا للحياة الاقتصادية، لا يحب الإسلام حبس المال عن الاستغلال، ولذلك أعطى القاضي حق إقراض مال الوقف والغائب واللقطة، بل إن مال اليتيم - وحرص الإسلام عليه هو ما هو - يستطيع القاضي أو الوصي إقراضه بشرط، وكذلك مال المسجد للمتولي إقراضه.

وتخديم المتعطلين الغرباء من التقاليد الإسلامية. يروى (أبن بطوطة) في رحلته أن كل من كان ينقطع بجهة من جهات دمشق (لابد أن يتأتى له وجه من المعاش من إمامة مسجد أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>