كتب الأديب المكي الغيور السيد أحمد علي، في الرسالة السابعة والخمسين:(يظهر الأسف الزائد إذ لم تقع عينه - وهو يراجع
الفهرس للسنة الأولى، ويتتبع أعداد الثانية، على أسم كاتب حجازي، يكون قد اشترك مع إخوانه وزملائه المعاصرين في الأدب، على صفحات هذه الصحيفة الغراء. . . ويؤمل من مديرها المفضال الأستاذ الزيات، إذا أراد، أن يشيد بذكر أبناء الرافدين والنهرين، ألا ينسى الحرمين، كذلك)
فأحببنا أن نلحق بكلمته هذه الكلمة:
ألم يشد أستاذنا الزيات بذكر الحرمين يا سيد أحمد علي؟ فما هو إذن عدد الهجرة الممتاز، وما هي تلك المقالات الإسلامية العربية؟
أما إن الرسالة إذا نظرت إلى أمر، فإنما تنظر إليه نظرة سامية فيها حكمة وفيها جلال، ولا يعنيها من (الحرمين) أخبار دائرة الصحة، ورسوم الحج، ولكن يعنيها حياة محمد (ص) وظهور الإسلام، وعظمة الفتوح، وجلال حكومة الراشدين؛ ولا يهمها من (النيربين) تنظيم الميزانية، ومناقشات المجلس البلدي، ولكن يهمها تاريخ بني أمية، وسعة الفتوح، وعز العروبة؛ ولا تحفل من (الرافدين) بقرارات الغرفة التجارية، وأخبار الجند، ولكن تحفل بحضارة الإسلام، ومجد المنصور والمأمون، ونهضة العلوم والفنون.
وتحفل بعد هذا كله، بالصورة المشرقة الوضاءة، صورة هذا الماضي الجليل، حين تظهر في صفحة الأمل الجميل، ذلك لأنها (تصور مظاهر العبقرية للأمة العربية) ولأنها ليست جريدة يومية أخبارية.
فهل تراها بعد. لم تشد بذكر الحرمين؟
وهل نسي أستاذنا الزيات الحرمين يا سيد أحمد علي؟ وهل يستطيع مسلم واحد على وجه الأرض أن ينسى الحرمين، وهو يستقبل الحرم خمس مرات كل يوم؟
يستقبله إذا سمع المؤذن يشق سكون الليل، بهذا النداء العلوي الجليل:(حي على الفلاح، لا إله إلا الله) فينهض من فراشه، يستأنف الحياة والليل يولي ساكناً خاشعاً، والنهار يقبل