للاستعمار الغربي تاريخ أسود، حافل بصنوف الاعتداءات الدموية على
حقوق الأمم الضعيفة، وعلى أرواح الشعوب الآمنة وحرياتها وأرزاقها؛
ولكن هذا الاستعمار الدموي الغادر، لم يبلغ في عصر من العصور،
ولا في ظرف من الظروف، ما يبلغه اليوم من الجرأة والاستهتار، بل
من الإجرام والتوحش، فهو لا يحاول حتى أن يستر نياته كما عهدناه
في الماضي أو يسبغ على تصرفه أي لون مشروع أو معقول، بل يتقدم
بكل بساطة، مسفرا عن براثنه، شاهراً سلاحه للقضاء على الفريسة،
متغنياً في غير حياء ولا وجل بما يستطيع أن يغنم من وراء الدم
المسفوك، والحريات المغصوبة، والبلد المباح
تلك هي الصورة التي يعرضها لنا النزاع الإيطالي الحبشي. ونقول النزاع من باب التجاوز، إذ أي نزاع هنالك؟ بلد حر مستقل منذ أحقاب التاريخ، وشعب آمن مطمئن في أرضه التي خصه الله بها، يريد الاستعمار الفاشستي الغاشم أن يلتهمه نهاراً جهاراً؛ ولا عذر له - إن صح التعبير - إلا أنه يريد أن يزيد في أرضه وفي ثرواته وفي سلطانه، وأن يحقق شهوة عرضت له في استباحة الهضاب الحبشية الغنية بكنوز الطبيعة، التي يضطرم جشعاً للحصول عليها. وأي طريق هذا الذي يلجأ إليه لتحقيق هذه الشهوة الوضيعة الغاشمة؟ هو القتل المنظم يسميه الحرب، والفتك الذريع يسميه الفتح؛ هو القرصنة المجردة، وهو السلب الجهر، وهو قطع الطريق؛ وهو أخيراً كل ما في الجريمة من عدوان وانتهاك وكل ذلك باسم المدنية الغربية والتهذيب الأوربي
وأوربا المتمدينة، ما هو موقفها من ذلك العدوان الآثم؟ وشرائع الله وشرائع الأمم ما