اطلعت على مقال الأستاذ كرم ملحم كرم عن المرحوم ولي الدين بك يكن. وبما أنني اتصلت بأسرة الشاعرة اتصالاً كلياً أثناء إقامتي بحلوان فاسمحوا لي أن أصلح ما قيل من أنه مات مسلولاً. والحقيقة أنه كما ذكر الكاتب كان يشكو الربو، وكان يلجأ إلى تخفيف وطأته عليه بحقن المورفين، وقد أدمن على تعاطيه حتى ضعفت صحته فمات من الانفزيما، وورث ابنه الشاعر الكبير فولاد يكن هذا الداء وأدمن عليه حتى قضي على صيته الأدبي الذي كان يبشر بمستقبل باهر
كان المرحوم ولي الدين بك يكن ثائراً على القديم في كل شيء، وكتاباته التي كان ينشرها في المقطم تحت اسم (زهير) وجمعت فيما بعد في مجلدين شاهد على ذلك. وتجديده في الشعر والنثر لا ينكره أحد. وله مؤلفات عدة كلها تدور كفاحه في سبيل الحرية ومناهضته الظلم. وكان أبي النفس فكان يرفض أن يبيع ضميره؛ وطالما حاول أصحاب النفوذ إغراءه بالمناصب العالية والخير الوفير نظير إيقاف حملاته عليهم، ولكنه أبى أن يبيع ضميره ورضي بحية البؤس، ولا يصدق إنسان أن أثاث منزل ولي الدين بك يكن كان كأحقر منزل رجل عادي وهو سليل أصهار العظماء، وذلك كله في سبيل تحقيق غايته من نصرة الحرية والمظلوم ومحاربة القوة الغاشمة
ولولي الدين يكن مؤلفات كثيرة طبعت، ونشرت وله مؤلفات لم تنشر، وقد جمعت السيدة زوجته (وهي أرمنية) بعض أشعاره ونشرتها على أمل أن تحصل منها على شيء يقوم بحاجة الأسرة الفقيرة، ومن مؤلفاته رواية تمثيلية تدور وقائعها في تركيا على تحرر تركيا الحديثة وإعلان الدستور وعن الدسائس والمظالم في عهد السلاطين، وهي الأشياء التي خبرها ولي الدين بك بنفسه وأجاد الكتابة فيها. وكنت اتفقت مع أسرة الشاعر على تنقيحها لتمثيلها على المسارح المصرية لولا ما حاق بالأسرة من نكبات، منها خيبة كريمته الوحيدة (وكانت تسمى فكتوريا أحياناً وزينب في أحيان أخرى) في زواجها على الدوام، ومنها النكبة التي حلت بابنه الشاعر فولاد إذ انحدر إلى هوة إدمان المخدرات
وكان مما لاشك فيه أن ولي الدين بك يكن سيخلد ذكره في شخص ابنه فولاد يكن، وهو من