للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في مذاهب الأدب]

للأستاذ عباس محمود العقاد

قد يغني التمثيل حيث لا يغني الدليل، ولاسيما في تلك المسائل التي تتفق فيها الآراء ولا يقع الخلاف عليها في الحقيقة إلا لاختلاف الأسماء.

ومن هذا القبيل مسألة الحكم على المذهب الرمزي بيني وبين الكاتب الألمعي الأستاذ فريد بك أبو حديد.

فقد سألني مندوب (الزمان) عن هذا المذهب فقلت له: إن كلمة الأدب الرمزي كلمة سخيفة؛ لأن الأدب قبل كل شيء إفصاح، فمن عجز عن الإفصاح فأولى أن يترك الأدب. ومن كان لا يتكلم إلا بالرموز فخير له أن يخترع له لغة أخرى غير هذه التي تواضع الناس على التفاهم بها. وليخترع إن استطاع نوعاً من الهيرغليفية القديمة تغني فيها الصور والإشارات عن الحروف والكلمات).

ووجه المندوب هذا السؤال إلى زميلنا الأستاذ أبي حديد بك فقال: (لا أوافق الأستاذ العقاد فيما ذهب إليه بخصوص الأدب الرمزي؛ فإن كان هذا الأخير من نوع بيجماليون لبرناردشو، وأهل الكهف لتوفيق الحكيم، وتاييس لأناتول فرانس، فانه يعد من أسمى أنواع الأدب. ولعل اختلاف الرأي بين العقاد وبيني يرجع إلى أن الصورة التي في ذهني عن الأدب الرمزي قد تغاير تلك الصورة التي في ذهن العقاد عنه).

وهكذا أفاد تمثيل الأستاذ فريد للأدب الرمزي المقبول عنده في التقريب - بل في التوحيد - بين القولين.

فكل هذه الروايات التي تعجب الأستاذ تعجبني، وترتقي عندي إلى المرتبة الأولى من فن المسرح والرواية.

ولكني لا أحسبها من أدب (المذهب الرمزي) الذي تكثر الدعوة إليه بين الفرنسيين خاصة في هذه السنوات الأخيرة، لأنها لا تعمي ولا تتعمد التلبيس، ولكنها من أصرح ما يقرأه القارئون

وإذا توسعنا في التعبير فهي عندي من الرمز السائغ وليست من الرمز الممنوع.

لأنني - حين أجبت عن ذلك السؤال - عنيت الرمز الذي يلجأ إليه الكاتب عمداً وله

<<  <  ج:
ص:  >  >>