في بعض الأحيان نقرأ أشياء تلفت النظر لسبب أو أسباب، ثم نراها أهون وأصغر من أن يجري القلم فيما تنطوي عليه من غرض بعيد أو قريب
وآفة الأدب العربي لهذا العهد أنه لا يلتفت إلى الجزئيات، بحجة أنها في الغالب من توافه الشؤون، مع أن الحوادث الصغيرة قد تضمر في طياتها متاعب خطيرة، ومع أن العقل يوجب أن ندرس جميع الأشياء دراسة نقد وتشريح
وأنا اليوم أسوق خبراً تافهاً جداً، وإن كنت أعتقد أنه أغرب ما قرأت، فما ذلك الخبر التافه الغريب؟
للشركات الأجنبية في مصر أسلوب ظريف في اختيار اللغة التي تعامل بها الجماهير، فهي تكتب باللغة العربية في حال، وبإحدى اللغات الأوربية في أحوال، فإن كان ما تكتبه نوعاً من الإعلان جعلته باللغة العربية ليفهمه الجمهور بلا عناء، وإن كان ما تكتبه متصلاً بالعقود جعلته بلغةٍ أعجمية، لتخفي دقائقه على أكثر الناس!
هذا هو الخبر، فهل ترونه من التوافه؟ وهل ترون أنه على تفاهته يستحق الالتفات؟
نهاية فلان
هو كاتبٌ فصيح يعرفه قراء اللغة العربية من أعوام طوال، ثم تحوّل فجأةً إلى كاتبٍ عاميّ اللغة والمذهب، فما سببُ هذا التحول المزعج؟
كان في بداية حياته الأدبية يرتاب في قدرته على الإنشاء الفصيح، فكان يبحث عمن يقومون عباراته، ويرفعون عنها آصار العُجمة والتهافت، وبهذه الخطة كانت ثقته بنفسه تضعُف من يوم إلى يوم، ثم رأى أن يتحرر من سيطرة المراجعين والمصححين فأعلن أن اللغة العامية أحسن اللغات وأنه سيجعلها لغته المختارة إلى أن يقضي الله في أمره ما هو قاض.