كان فلان ولن يزال من أهل الرأي وأصحاب الخيال، وكذب من ادعوا أنهم قولوه ما لم يقُل وأنهم مصدر الوحي لأدبه الجميل
فهل نرجو أن ينظر فلان من هذه الكلمة الخالصة لوجه الأدب والحق، فيكتب اللغة الفصيحة على سجيته وفي حدود ما يطيق ليصبح بعد قليل وهو من أساطين البيان؟
فلان شخصية كريمة الجوهر، وضياعُها على الأدب الفصيح ضربٌ من الخُسران، فهل يرفق بنفسه فيروضها رياضةً جديدة على أساليب الفصحاء بلا تكلف ولا افتعال؟
القليل من وحي الطبع أجدى وأنفع من الكثير المصنوع، فارجع إلى طبعك يا فلان، وانتفع بما فيه من ثروة أصيلة، قبل أن يصعُب انتشالك من هُوّة مذهبك الجديد، صانك الله وحَماك!
بين الكفر والإيمان
قِيل وقيل: إن الأدب سيجوز فيه ما يجوز في جميع الصناعات، فيحترفه من يشاء حين يشاء، ولو كان صغير الرأس أو نحيل الوجدان
وأقول: إن الأدب شريعة ربانية لا يصلُح لها غير المصطفَين من أرباب القلوب، فمن العسير أن يضاف إلى أهل الأدب من لا يخطُ حرفاً إلا وهو مَسُوقٌ بإرادة خارجية، على نحو ما يصنع الفارس الذي رسمتْه يد البهلوان في أحد الأشرطة السينمائية
الأدب إيمانٌ وثيق لا يعرف الأشخاص ولا الأزمان ولا الظروف، فليس بأديب من يفرح لأن صدراً يحتضنه بلؤم أو بشوق، ليجعل من أنامله أداةً يلتقط بها الأشواك، وليس بأديب من تخدعه الخوادع الوقتية، فيتوهم أن الخلود نعمةٌ يجود بها أهل الفناء
الأدب فوق ما يتوهم الأصاغر من طلاب المنح الذواهب، الأدب قوةٌ ذاتية يتوحّد بها صاحبها توحد الليث، فليس منا من يرى الحياة أو الجاه في التشرف بخدمة هذا المخلوق أو ذاك، وليس منا من يعقّ إخوانه ليظفر بالزاد المأدوم بالزور والبهتان. . . الأدب الحق منحة ربانية يجود بها الله على أرباب القلوب