للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٨ - هكذا قال زرادشت]

للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه

ترجمة الأستاذ فيلكس فارس

الحرب والمحاربون

لا نريد أن يراعينا خيرة أعدائنا، كما لا نريد أيضاً أن يراعينا من نحبهم من صميم الفؤاد

دعوني أعلن لكم الحقيقة

أنني احبكم من صميم الفؤاد، أيها الرفاق في المعارك، فما أنا الآن إلا، كما كنت في الأمس، جندي مثلكم، فأنا إذن من خيار أعدائكم. دعوني أعلن الحقيقة لكم

إنني عارف ما في قلوبكم من حقد وحسد، فانتم من العظمة بحيث لا يمكنكم أن تتجاهلوا الحقد والحسد؛ فلتكن عظمتكم رادعة لكم عن الخجل بما في قلوبكم. وإذا امتنع عليكم أن تكونوا أولياء في معرفة الحق فكونوا على الأقل جنودا يكافحون من اجل هذه المعرفة؛ وما المكافحون إلا طليعة الأولياء

لقد كثر عدد الجنود فليتني أرى مثل هذا العدد من المحاربين، وعسى إلا تكون سرائرهم على طراز واحد كالألبسة التي يرتدونها

لتكن أنظاركم منطلقة تفتش على عدو لكم، وقد لاحت في لمعانها بوادر البغضاء. عليكن أن تجدوا العدو لتصلوا معه حربا تناضلون فيها من اجل أفكاركم، حتى إذا سقطت هذه الأفكار في المعترك، ينتصب إخلاصكم هاتفا بالظفر

احبوا السلام كوسيلة لتجديد الحروب، وخير السلام ما قصرت مدته. أنني لا أشير عليك بالعمل، بل أشير بالكفاح؛ لا أشير عليكم بالسلم، بل بالظفر. فليكن عملكم كفاحا وليكن سلمكم ظفرا

لا اطمئنان في الراحة إذا لم تكن السهام مسددة على أقواسها. وما راحة الأعزل إلا مدعاة للثرثرة والجدال. فليكن سلمكم ظفرا. . .

تقولون أن الغاية المثلى تبرر الحرب؛ أما أنا فأقول لكم أن الحرب المثلى تبرر كل غاية، فقد أتت الحروب والأقدام بعظائم لم تأت بمثلها محبة الناس، وما أنقذ الضحايا حتى الآن

<<  <  ج:
ص:  >  >>