لأجل أن نقف على وجهة النظر الأخلاقية في كتاب الإنجليز الحديثين يجب أن نعرف تلك الميول العامة التي دفعتهم إلى تلك الاتجاهات الجديدة وجعلتهم يثورون على نظم وتقاليد العصر الفكتوري. فإن عظمة الحكم الفكتوري قد انعكست في ذلك الإلهام الذي ألهم كتاب العصر ما كتبوا عن الفكرة العامة عن النظام والوجهة المنظمة للعالم، واحترام التقاليد، والخضوع للقانون الأخلاقي، واحترام الفضيلة والتسامي بها، وعدم ذكر الرذيلة إلا للتشهير بها، اللهم إلا بعض الكتاب الثائرين (كسوينبرن) الذي كان أوسع حرية في الأخذ بتلك الآراء. إن رسوخ الأخلاق في الآداب الفكتورية قد اختفى تماماً في الكتاب المعاصرين لأسباب منها الحرب العظمى، والنزعات العلمية والاجتماعية والاقتصادية الحديثة، وتدهور القيم الأخلاقية العامة، واتخاذ كل شيء شكلا جديداً
فكان (شو) و (ولز) كبار الرواد الذين سخروا من العصر الفكتوري وهدموا أسسه الأخلاقية. أن الضرر الذي لحق ذلك العصر من جراء هذين الكاتبين لا يوازن بتلك الأفكار الخيالية المثالية التي جاء بها ولز. وكان من آثار هذا الهدم العنيف أن ترك الجيل الجديد بدون مرشد، وأصبح يتعثر في سيره ويتخبط في عمائه واضطرابه. وهذا أوضح ما يكون في القصة. فعندنا نماذج خمسة من القصة: المخاطرات، ثم المواقف الغربية الشاذة (مع التناقض القوي بين الحوادث الحقيقية والمتخيلة)، ثم الاجتماعية والنفسية، ثم السير (وهنا يذكر الكاتب مثالاً لكل منها ليظهر كيف أن المؤلفين قد تأثروا بتلك الأسباب التي ذكرناها، وكيف أن القيم الأخلاقية قد أصبحت في عماء وفوضى). وهذا يظهر جلياً في قصص أولئك المؤلفين الذين كانوا أشد تأثراً بالنظريات النفسية الحديثة
وعندما يشير الكاتب باختصار إلى كتابات باري وولبول وبيريسفورد وبلا كوود وسنكلير وفيرجينا وولف وغيرهم يعرض لثلاثة من أشهر كتاب القصص وأبعدهم أثراً في الأدب الحديث وهم: جيمس جويس ولورنس وألدس هكسلي
ففي جويس نجد المسائل النفسية مشروحة على الطرق الحديثة، فهو يصف لنا بدقة فائقة