للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التطورات النفسية لأبطاله. وهو لا يقيم وزناً كبيراً للحوادث فهي متساوية الأثر لديه. فالحياة في نظره ليست أكثر أهمية في مكان منها في مكان آخر؛ وهو يكشف لنا في قصته (أهالي دبلن) و (صورة الفنان كشاب) عن مقدرة فائقة واستعداد أدبي ممتاز. ولكن (يوليسيس) أعظم قصصه التي تظهر لنا بوضوح فوضى أخلاق أبطاله. ومع أنه يدعى أن حوادث قصته تصل بأبطاله الذين أوجدهم في هذه القصة، إلا أن الناس أميل إلى الاعتقاد أن مستر بلوم مثلاً شخصية مألوفة في الحياة الإنجليزية. وليس هناك فن أوضح لوصف كل الأفكار المريضة للرجل العربيد من أن يصف حوادث حدثت في حجرة الاستقبال أو على مائدة العمل. فالإنسان في نظره ليس فاضلاً، وهو من أجل هذا يجب أن يكبح أهواءه الدنيئة مستعيناً بذكائه وعقله

وجويس مع ذلك لا يدافع عن أخلاق أبطاله، فإن معالجته لفن القصة وأسلوبه القوي النشيط ومادته الغريزة، كل أولئك يساعد على إظهار أبطاله كما يريد أن يبرزهم لا أن تخفيهم أو تستر بعض عيوبهم. وهذا ما عمله لورنس، فإن كل كتاباته لا تدور حول الجنس فحسب (مع استثناء بعض قصصه الوصفية الجميلة) ولكنه يدافع عن آرائه في حرية الحب وغياب الروحية وازدراء القيم الأخلاقية والثورة على النظم الثابتة والتقاليد القديمة في العلاقات الجنسية والاجتماعية

وهنا ذكر الكاتب بعض مقتطفات من قصته (قوس قزح) مدللاً على صحة هذه الآراء

أما هكسلي فإن دفاعه عن آراء لورنس في حرية الأخلاق قد اتخذ شكلاً فلسفياً، فهو يحاول (قصداً) أن يظهر أن هذه الفوضى الأخلاقية هي النتيجة العقلية لتحليل النفس الحقيقية.

لقد تعرضنا في هذه الإلمامة النقدية للقيمة الدبية لكتابات أولئك المؤلفين؛ وهذه القيمة نفسها تعرض أخلاقهم إلى خطر عظيم، فقد وقع الكتاب الثلاثة في أزمات نفسية خاصة وليست شائعة عامة بين الناس. وعلى هذا فمن الخطأ أن نعتقد أن هؤلاء الكتاب على أي حال أو في أي صورة المظهر الأخلاقي الحقيقي للعقل الإنجليزي

وأخيراً أظهر الكاتب أنه بالرغم من تأثير أولئك الثائرين فإن الأدب الإنجليزي المعاصر لديه مؤلفون عديدون يدينون بالآراء القديمة؛ فهم محافظون على تقاليدهم الموروثة؛ أمثال: ميروث وجولزورث وبنت وكونراد وجيروم وتشسترتن؛ حتى هاردي يمكن أن يعتبر أنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>