للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش أحلام شهرزاد]

٣ - قضية اليوم

(القصر المسحور)

للأستاذ دريني خشبة

قالت فاتنة: (أرأيت إذن كيف مسخ صاحب (شهرزاد) تلك الصورة العلوية الفردوسية التي رسمها الكاتب العبقري الأول للمرأة الكاملة التي طبَّت لشهريار وعالجت اعوجاجه؟ وهل رأيت كيف أسلم جميع أبطاله للشيطان، فليس فيهم بطل رشيد!؟

فشهرزاد شهوانية مخادعة هلوك. . . وقمر يفتتن بجسدها البض ويراه في صورة إيزيس وعيني بيدبا الفيلسوف الهندي. . . ثم يقتل نفسه من أجل أنه رآها تخدعه عندما شهد العبد يخرج من مخبئه في مخدعها. . . وشهريار ينسى فحولته بل يتبدل بها فسولة عندما يضبط العبد نفسه في مخدعه فلا يثور ولا يتسخط ولا يفور دمه في رأسه، ولا يأمر برأس العبد ورأس شهرزاد، ولا تعود إليه جبلته القديمة المغرمة بسفك الدماء. . . ولماذا تعود تلك الجبلة وقد كلت حيلته في المرأة عامة، لأن المأساة بعينها تتجدد، ودورة الفلك تبدأ من حيث تعود، وتعود من حيث تبدأ. . . ثم هذا هو الجلاد يبيع سيفه أو يرهنه. . . وأبو ميسور يهذي من كثرة ما دخَّن القنب. . . والعبد يتسور الجدار إلى شهرزاد في فحمة الليل فلا تشبع منه ولا تريد أن تشبع منه. . . فهل رأيت بلاء في قصة كهذا البلاء؟ وهل اجتمعت لقصة عصبة من الأبطال المناكيد كهذه العصبة من الأبطال المناكيد؟

وهل يكفي في الاعتذار عن هذا أن يعترف المؤلف في (القصر المسحور) بقصوره، والتسليم بأنه في حاجة إلى أن يسعى ويطيل السعي، وإلى أن يجد ويمعن في الجد، لا ليبلغ الكمال، بل ليدنو منه؟ وهل يكفي أن يعترف ببعد الأمد أمامه حتى يصل إلى ترقية فنه وتجديده واصطناع الأناة والدقة والإتقان في التصوير والتعبير جميعاً؟. . . هل يكفي أن يعترف مؤلف شهرزاد بكل ذلك ليكون بمنجاة من النقد الذي يزيف أدبه مهما اعتذر له عميد الأدب العربي وشريكه في القصر المسحور، ومهما دافع عنه بوصف كونه أديباً له أن يبرز أبطاله في الصورة التي يراها، ومهما اعتذر له بوجوب حرية الرأي والدفاع عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>