في أساطير قدماء المصريين أن مجاعة اجتاحت بلاد النوبة ففتكت بأهلها وزرعها، إلى أن خف إليها الإله توت على شكل قرد أنقذها وأعاد إليها الأمن ورغد العيش. والإله نوت من اقدم معبودات قدماء المصريين. وله رمزان يمثله أحدهما على صورة طير أبي منجل. ويمثله الثاني صورة وجه القرد.
وقد تبين من حفريات جامعة فؤاد الأول برياسة الدكتور سامي جبرة في منطقة تونة الجبل قرب ملوى أن أرض مصر في عهد الفراعنة كانت تضم مجموعة كبيرة من الحيوانات التي انقرضت أو هاجرت إلى بقاع أخرى ومنها طير أبي منجل والقرد. والأول من فصيلة أبي قردان وله طباعة في الفتك بالحشرات الضارة بالإنسان وزرعه:
رمزان للإله
قال عنه هيرودوتس المؤرخ اليوناني إنه كان يسكن بين جبال سينا فيأكل الثعابين والحيات قبل دخولها أرض مصر. ويقول الدكتور سامي جبرة إن المصريين شهدوا اتزان مشيته ووقاره، فأعجبوا بصفاته العالية، واتخذوه رمزاً لإله المعروفة، ولئن كانت قوانيننا الحالية تحرم صيد أبي قردان، وتفرض الغرامة والسجن على مقتنصه فإن قوانين القدماء كانت تقضي بإعدام من يقتل أبا منجل
والقرد من الحيوانات النادرة التي تهلل جماعاتها إذا أشرقت الشمس وتنوح وتندب إن آذنت بالغروب. والمصريون القدماء معرفون بدقة الملاحظة. رأوا في تهليله ونواحه علامة على معرفته لأسرار الشمس والعالم الآخر.
والإله توت إله المعرفة، يعرف ما خفي وما استتر، ويحق الحق ويزهق الباطل. وهل لإله المعرفة من رمز أشهى من الاتزان كما تمثل في أبي منجل؟ وهل من إدراك بالغيب وسر إقبال الشمس واختفائها أعمق من إدراك القرد؟ رأى المصريون في الحيواني صفات شديدة الصلة بالإله توت فاتخذوهما له رمزين حيين، ورفعوهما إلى مركز التقديس.