في العدد الماضي من (الرسالة) قطعة ممتعة للمرحوم الأستاذ مصطفى صادق الرافعي، فات الأستاذ العريان أن يضمها إلى مقالات الرافعي التي جمعها في الجزء الثالث من كتاب (وحي القلم)؛ والرافعي - طيب الله ثراه - كان أديب العربية الذي لا يلحق في صوغه وغوصه؛ لذلك كان كل ما يخطه قلمه تحفة فنية غالية، يجب أن يحرص عليها الأدب العربي
(لقد كان الرافعي في الكتابة طريقة وحده!)، كما قال الأستاذ الزيات بحق؛ فهل من عجب أن يعد الباحث الذي يعثر على مقالة ضائع له، أو قطعة مفقودة من وضعه، كالذي عثر على كنز أو ثروة!؟
إن الأستاذ العريان قد أدى للأدب العربي خدمة جليلة، حين شغل نفسه بجمع آثار الرافعي التي لم يسبق نشرها مجتمعة في كتاب واحد؛ وهو بإصداره الجزء الثالث من كتاب (وحي القلم)، قد أطلعنا على كنوز مخفية، أو ضائعة، طالما تاقت نفوسنا إلى الاطلاع عليها. . . يقول الأستاذ العريان في تصديره للجزء الأول من (وحي القلم): أما الجزء الثالث، فهذه طبعته لأولى؛ كان قصاصات من صحف، وصفحات من كتب ومجلات، فعاد كتاباً بين دفتين. . . وقد جمعت ما قدرت عليه بعد، فأضفته إلى ما جمع المؤلف، ورتبت كل ذلك وهيأته للمطبعة؛ فإن كان قد فاتني شيء مما ينبغي إضافته إلى ذلك الجزء. . . فمعذرة إلى قارئه؛ ولعلني - بمعونة القراء - أستدرك في الطبيعة الثانية - إن شاء الله - ما فاتني في الأولى)
وقد عثرت - عرضاً - على قطعة للرافعي عن (الإحسان الاجتماعي) المنشورة في صدر هذا العدد، فرأيت أن ألفت إلى ذلك نظر الأستاذ العريان، حتى يضمها إلى الجزء الثالث من (وحي القلم) في الطبعة الثانية إن شاء الله؛ وهذه القطعة قد ألقيت في سبتمبر سنة ١٩١٤. وعلى الرغم من أن الرافعي كان يومئذ - لا يزال - أديباً ناشئاً في مقتبل العمر - إذ كان لا يتجاوز الرابعة والثلاثين - إلا أننا نلمح في هذه القطعة روح الرافعي وطريقته في الكتابة بشكل ظاهر. وهذا يدلنا على أن طريقته في الإنشاء قد استقامت له منذ زمن