للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

المنسوجات

في الخلافة الإسلامية

للدكتور ر. ب. سارجنت

لقد طغت صناعات الغرب على جميع أنحاء العالم في أثناء القرون الثلاثة الماضية، حتى أوشكنا أن ننسى أن صناعات الشرق، ولا سيما الشرق الإسلامي وبيزنطة، كانت تتهافت عليها البلاد الأوربية تهافتاً عظيما. يحدثنا رحالة البلاد الغربية في القرن السادس الهجري أن الإسكندرية كانت تموج بحركة الملاحة وسفن النقل البحري من جميع ممالك أوربا حتى أقصى حدودها الشمالية في البلطيق وإسكندناوة، بله العديد من التجار الذين كانوا من جهات أبعد في الشرق كالهنود وغيرهم. وليس ثمة شك في أن تلك السفن حملت معها (الإسكندراني) الثمين وهو نسيج من التيل المطرز بالحرير. وأغنية رولان، التي كتبت في القرن الحادي عشر، والتي كانت تصف حوادث عصر سابق بمدة طويلة لتاريخ كتابتها، تذكر جثة مكفنة بقطعة من نسيج الإسكندراني. وكما انتقلت تجارة المنسوجات إلى الغرب عن الطريق البحري، كذلك انتقلت إليه عن الطريق البري على الساحل الشمالي الأفريقي، كما أنها انتقلت إلى أوربا الشرقية كما يستدل على ذلك من العملة الإسلامية التي ترجع إلى ذلك التاريخ والتي عثر عليها في الطريق الرئيسية لأوربا الشرقية والسهول الشاسعة لبلاد الروسيا، مما وصل إلى بعض البلاد التي في أقصى الحدود الشمالية لبلاد الروسيا. ويحدثنا ابن فضلان أن الروس كانوا يتجرون مع البلاد الإسلامية في فراء القندر والسمور والسنجاب، إذ كانوا يجلبونها من الشمال بطريق الماء على نهر الفولجا، ويأخذون بدلها المنتجات المصنوعة في العالم الإسلامي المتمدن.

وكانت فرنسا، وإيطاليا، والدويلات الألمانية، وأسبانيا، وغيرها من بلاد أوربا تستورد المنسوجات من الشرق الأوسط لاستعمالها في القصور الملكية

والأغراض الدينية في المعاهد الكنسية الغنية، حيث معظم النماذج المعروفة لتلك المنسوجات لا تزال باقية حتى اليوم، ولا سيما ما هو باق منها في الأقطار البلطيقية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>