لقد أشرنا في حديثنا السابق إلى مطالعات الأطباء المسلمين بجانب سرير المريض، ولتوضيح الناحية العملية من الطب الإسلامي وأعمال الأطباء في البيمار ستانات وطريقة تمريض المرضى وعلاجهم وحالة دور الشفاء عندهم لا بدمن أن تلقى كلمة عن هذا الموضوع:
يأمر الدين الإسلامي مثل سائر الأديان السماوية بالرفق والشفقة ويدعو إلى البر بالفقراء والإحسان إليهم ومواساة المرضى والعجزة؛ وقد كان تمريض المجروحين ومواساتهم والعناية بأمرهم من أهم الأمور التي كان يعيرها النبي صلى الله عليه وسلم اهتماما خاصا في غزواته. فقد جاء في سيرة ابن هشام أن سعد بن معاذ أصيب في غزوة الخندق في شوال من العام الخامس الهجري بسهم في الأكحل فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يوضع في خيمة رفيدة الأسلامية، وكانت تداري الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضبعة من المسلمين قائلا: اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعود من قريب. ويمكن اعتبار خيمة رفيدة هذه أول مستشفى حربي متنقل عند المسلمين.
وبعد ذلك ازداد عدد هذه المستشفيات المتنقلة التي كانت تسعى بالبيمار ستانات المحمولة مقابل البيمار ستانات الثابتة.
وهذه البيمار ستانات المحمولة زيادة على استعمالها في الحروب كانت تنقل من مكان إلى آخر، وكانت مجهزة بكل ما يلزم المرضى عادة من أدوات وأدوية وأطعمة وأشربة وملابس وأطباء وصيادلة وكل ما يعين على ترفيه المرضى والعجزة والمزمنين والمسجونين وكانت تنقل من بلد إلى أخر من البلدان الخالية من بيمارستانات ثابتة.