وراء تلك اللافتة الصغيرة المبتذلة المعلقة على باب بيت من البيوت، قرأ الفونس دوديه - وهو الذي لقب نفسه (بالشيء الصغير) واستلهم أشياء أدبه - هذه المأساة الإنسانية المؤثرة.
فوق الباب، باب خشبي واهي المفاصل، يدع رمل الحديقة الصغيرة يختلط بتربة الطريق على بسطة من الارض، كانت لافتة معلقة منذ أمد بعيد، ساكنة في شمس الصيف، معذبة تمكو في ريح الخريف، عليها (منزل للبيع)، ولعلها كانت تقول أيضاً (منزل مهجور)، فقد كان الصمت يكتنف الدار.
ولكن امرأ كان يقيم هناك. فإن دخانا خفيضا مزرقا يصعد من آجر المدخنة الذي يعلو الجدار قليلا، كان ينم عن حياة خفية، متكتمة، حزينة كهذا الدخان الذي ينبعث من نار الفقراء. ثم من خلال ألواح الباب المزعزعة ما كنت تحس الإهمال والخواء، وهذا الجو الذي يسبق ويعلن بيعا أو رحيلا، بل ترى ممرات الحديقة مستقيمة التخطيط، وعرائش مستديرة مشذبة، وماقي بجوار الحوض، وأدوات بستاني مسندة إلى البيت الصغير. لم يكن ذلك الربع سوى بيت من بيوت الفلاحين، يتوازن على هذه الأرض المنحدرة بسلم صغير قد نحي الطابق الأول جهة الظل والطابق الأرضي جهة الجنوب. ومن تلك الجهة كان يخيل إليك أنه معمل الإنبات. فقد رصت درجات السلم نواقيس زجاجيه، وأصص فارغة مقلوبة، وأخرى منضودة على الرمل الأبيض الساخن قد نما فيها (الجيرانيوم) و (العرفين) بيد أن الحديقة كلها، فيما عدا شجرتين أو ثلاثا من شجر السرج الفارع، كانت تحت وهج الشمس. وكانت تمتد في النور الساطع مروحة من أشجار الفاكهة، قائمة على أسلاك حديدية، أو معرشة وقد انتزعت بعض أوراقها إعداد للثمرة ليس غير، كما اصطفت أيضاً أغراس من الشليك وأغراس من البازلاء تتسلق قضبانا طويلة مثبتة في الأرض. وفي